غزة/ وحدة الإعلام:
أكد إعلاميون فلسطينيون على ضرورة الاهتمام بالتفاصيل والجوانب الإنسانية للأحداث وعند طرح قضايا ضحايا جرائم الاحتلال الإسرائيلي، وعدم الاقتصار على المعالجة الإخبارية المجردة، داعين في الوقت ذاته لوضع استراتيجية واضحة للتأثير في المجتمع الدولي.
وأوصوا خلال ندوة بعنوان “أنسنة الإعلام.. إعدام الأم داليا سمودي نموذجاً”، عقدها منتدى الإعلاميين الفلسطينيين في مقره بمدينة غزة، اليوم الثلاثاء 18/8/2020، وأدارها الصحفي حازم الحلو، بضرورة العمل على ترميز أيقونات إنسانية عالمية كالشهيد محمد الدرة، والاستناد لقوة الحق الذي يمتلكه الشعب الفلسطيني، وكذلك الاستمرار في إبقاء القصص الإنسانية حية، واستخدام لغة تخدم الرواية الفلسطينية، وتفعيل الوجود الفلسطيني في الخارج لترويج الجوانب الإنسانية.
إنسان أولاً
وأوضح مراسل قناة الميادين في غزة أحمد شلدان أن إنجاز القصص الصحفية الإنسانية يتطلب من الصحفي أن يكون إنساناً قبل أن يكون صحفي، مشيراً إلى أن الإعلام الفلسطيني يعاني من خلل في تغطيته للقضايا الإنسانية. وقال في كلمة له خلال الندوة:” لا يوجد لدى الصحفي الفلسطيني تفريق بين مخاطبته للإعلام المحلي والدولي سواء كان ذلك على صعيد الزوايا أو المصطلحات المستخدمة أو طرق تداول القصص سواء من ناحية إخبارية، أو إنسانية وغيرها”.
وأضاف:” في الإعلام الغربي يُنظر إلينا على أننا نحن المعتدين بسبب نزع صفة الإنسانية التي تتحلى بها كل القصص الفلسطينية، بينما تحظى رواية الاحتلال الإسرائيلي أمام الغرب بكل الاحترام والتعاطف معه رغم أنهم هم المجرمون”، مبيناً أن “الاحتلال يعرف كيف يلعب على الوتر الإنساني عند نقل الأخبار والتغطيات الخاصة بالأحداث، ويعمل على تكبيرها وإظهارها بطابع مأساوي لجلب مزيد من التعاطف”.
وشدد على أن القضية الفلسطينية فيها الكثير والكثير من القصص الإنسانية التي تستحق التركيز عليها، ومضى يقول: “نجح الصحفيون في إبراز القصص في بعض الأحيان مثل قضية الطفل محمد الدرة، وعهد التميمي وغيرها إلا أنها تبقى قصص قليلة مقارنة بما يحصل على أرض الواقع”.
وأردف مراسل قناة الميادين:” إن قصة الشهيدة الأم داليا سمودي التي اغتالتها رصاصات جنود الاحتلال الإسرائيلي وهي في بيتها تعد الطعام لطفلها الصغيرة، من القصص الكثيرة التي أهملها الإعلام الفلسطيني، ولم يعمل على الاستفادة منها رغم أنها قصة إنسانية بامتياز كان بإمكانها أن تحدث صدى كبير في الإعلام الغربي والعربي”.
تفوق إسرائيلي
من جانبها، قالت الصحفية غالية حمد مراسلة قناة الجزيرة مباشر:” إن الإعلام الإسرائيلي نجح في التفوق على الإعلام الفلسطيني في مخاطبة الجمهور الغربي، وهذا التفوق لا بد من دراسته والتعلم منه لصالح القضية الفلسطينية”.
وأضافت في كلمة لها خلال الندوة:” في الإعلام الإسرائيلي يوجد متحدث خاص للجمهور العربي يتكلم اللغة العربية ويستعين بأمثال عربية وآيات من القرآن الكريم ويقدم التهاني بالأعياد وله متابعين كثر”، معتبرة ذلك مؤشر على اهتمام صانع القرار الإسرائيلي بالتأثير على الجمهور الفلسطيني.
وتساءلت حمد:” لماذا حتى الآن لا يوجد من يخاطب الإعلام الدولي بقوة في اللغات المختلفة كالفرنسية، والإسبانية، ولغات أمريكا اللاتينية التي يوجد بها جالية فلسطينية كبيرة ويوجد مناصرين لها، فضلاً عن اللغة الانجليزية”، موضحة أن قصة الشهيدة داليا سمودي “لو حدثت لمستوطنة إسرائيلية لاستغلها إعلام الاحتلال، ولم يتوقف عن الحديث عنها وتجريم الطرف الفلسطيني”، مضيفة:” الإعلام الفلسطيني اكتفى بنقل خبر استشهادها وطوى قصتها ككثير من القصص”.
وأشارت إلى أن الإعلام الفلسطيني أصبح همه قضايا بعيدة كل البعد عن اهتمامات الشارع الفلسطيني وهمومه، مطالبةً بضرورة ضبط الخطاب الفلسطيني لمخاطبة الغرب بشكل مدروس وبشكل إنساني أكثر من أي جانب أخر، داعية إلى إعادة ترتيب المناهج الجامعية الإعلامية للتناسب مع متطلبات الإعلام الحالي، وتعزيز التعاون مع الأجسام الصحفية المختلفة وضبط حديث النشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي “بحيث ينصب عملهم في نفس البوتقة الداعمة لأنسنه القضية الفلسطينية”.
الاعتياد مشكلة
وفي السياق ذاته، نوه المستشار الإعلامي الكاتب حسام شاكر لخطورة الاعتياد على جرائم الاحتلال من خلال المعالجة الإخبارية المجردة، وعدم التنبه للأبعاد الإنسانية لهذه الجرائم، وقال: “إن ما يجري على الارض يشير إلى وقائع كثيرة يلامسها الاعتياد من قبل شعب يقع تحت الاحتلال لكنها تنطوي على مخزون يمكن استثماره”، مضيفاً أن “هذه الأحداث لو وقعت لدى الاحتلال فإنه يحرك العالم لأجلها”.
وأضاف خلال مداخلة بالندوة: “يجب الحرص على أنسنة ضحايا جرائم الاحتلال، فهذا تحدي بالغ الأهمية، ويفرض إعادة التفكير بكيفية الاشتغال على الملفات الخاصة بكل شهيد أو شهيدة”، مشدداً على ضرورة التصدي لدعاية الاحتلال “التي تحاول أن تضلل العالم كلما برزت قصة”.
وتابع المستشار الإعلامي شاكر قوله: ” فلسطين تمتلك قوة الحق، وهي قادرة بكل تأكيد أن تكسب الجولة في مقابل التضليل الذي يمارسه الاحتلال بقوة الحقيقة وشفافية الواقع على الأرض”، داعياً إلى “أنسنة الضحايا وترميز وجوه من بينهم للتعبير عن طابور من الشهداء والجرحى”
وأكد ضرورة نبش الأحداث وإبراز مظلمة الشعب الفلسطيني والدعوة لمحاسبة الاحتلال عليها، وتابع قائلاً: ” يجب ألا تبقى قصة شهيد هنا وآخر هناك حدثاً خبرياً يطويه الزمن بعد أيام معدودة، فهذا تحدي أمام الإعلام الفلسطيني والإعلام المنحاز للحقوق والعدالة”.
ملامسة القلوب
وفي مداخلة له، قال مدير تحرير صحيفة فلسطين” مفيد أبو شمالة:” من المهم طرح القضايا الفلسطينية بشكل إنساني لتصل إلى قلوب البشر بغض النظر على أديانهم وجنسياتهم، ويمكن أن يتم ذلك من خلال الخطاب الإنساني الذي يلامس القلوب”. وأضاف:” إن معركتنا مع الاحتلال الإسرائيلي على وعي الجمهور الغربي، حيث عرف الاحتلال كيف يصل إليه، على عكس الإعلام العربي والفلسطيني، لذلك لا بد من التنبه لهذا الأمر وتدارك الأمر للوصول إلى الرأي العام الغربي الذي يستطيع التأثير على حكوماتهم”.
وتابع أن الاحتلال الإسرائيلي يتفوق عسكرياً، اقتصادياً وإعلامياً من خلال امتلاك منظومة إعلامية دولية كبيرة، “لذلك أصبح سهلاً عليه إقناع الغرب بأي شيء يريده رغم أنه كيان ظالم، مبني على الظلم، أما نحن الفلسطينيون أصحاب الحق فإن كلمتنا دائماً ما تطل بطريقة خاطئة وبأدوات بسيطة لا تلفت انتباه أي قارئ أجنبي”.
بدوره، دعا مدير عام مؤسسة الرسالة للإعلام رامي خريس لضرورة الاهتمام بالتفاصيل والجوانب الإنسانية للأحداث، مؤكداً ضرورة أنسنة المعالجة الإعلامية في مختلف وسائل الإعلام الفلسطينية، وعدم الاقتصار على المعالجة الإخبارية المجردة للأحداث المختلفة.
وتساءلت الإعلامية زينب عودة عن كيفية التأثير في المجتمع الدولي في ظل فظاعة الأحداث وتلاحقها على المستوى الدولي، مشيرة إلى دور الإعلام الإجتماعي في إثارة وطرح مختلف القضايا، مؤكدة ضرورة استثماره في خدمة القضية الفلسطينية.
من جانبه، حث مدير منتدى الإعلاميين الفلسطينيين محمد ياسين على ضرورة استثمار الجاليات الفلسطينية على الصعيد الإعلامي، ومضى يقول: ” الجاليات الفلسطينية في الغرب تمتلك اللغة وملمة بالثقافة الغربية، وبالتالي بإمكانها التأثير في المجتمع الدولي لكن يلزمها مزيد من التحرك، ومطلوب من السفارات الفلسطينية التي تستنزف الموازنة الفلسطينية بأن تتحرك وتنظم معارض صور سنوية لتبرز الجوانب الإنسانية للقضية الفلسطينية”.
وأضاف “مطلوب من صانع القرار الفلسطيني أن يتبنى مأسسة مخاطبة المجتمع الدولي من خلال تسخير الإمكانيات والأدوات المطلوبة لذلك، والعمل على مزاحمة الرواية الإسرائيلية في وسائل الإعلام الغربي وعدم السماح لها بالاستفراد بالوعي الغربي”.
وأوصى مراسل قناة الأقصى شادية شامية بضرورة تجنب إبراز جانب عسكرة المدنيين في الإعلام الغربي، بينما أكد رئيس كتلة الصحفي الفلسطيني أحمد زغبر على ضرورة التركيز على الجوانب الإنسانية خلال التغطية الإعلامية لجرائم الاحتلال الإسرائيلي.