نابلس –”القدس” دوت كوم- عماد سعاده – يوم الجمعة الماضي تعرض المصور الصحفي نضال شفيق اشتية من قرية سالم شرق نابلس للاصابة بأربع رصاصات (مطاط) خلال تغطيته للمسيرة الاسبوعية في قرية كفر قدوم شرق قلقيلية، الا انه نهض وحمل الكاميرا مجددا وواصل التصوير رغم الألم، فقد اصبح مثل هذه الامر روتينا بالنسبة له.
ويقول اشتية (51) عاما ويعمل حاليا مع وكالة “شينخواه” الصينية، بأن هذه هي المرة رقم (42) التي يتعرض فيها للاصابة من قبل الاحتلال طوال مسيرته في التصوير الصحفي المممتدة عبر 15 عاما، وأكثر من نصف عدد هذه الاصابات حدثت في قرية كفر قدوم التي دأب منذ نحو تسع سنوات على تغطية المسيرة الاسبوعية فيها.
ويروي اشتية تفاصيل اصابته الاخيرة، موضحا انه صبيحة الجمعة الماضي توجه برفقة عدد من زملائه المصورين الصحفيين بداية الى قرية عصيرة القبلية، جنوب نابلس، لتغطية فعالية ضد الاستيطان، وقد انتهت الفعالية مبكرا حيث قامت قوات الاحتلال بقمعها بالقوة، وبعد ان انتهت الاحداث هناك توجه الى قرية كفر قدوم لتغطية المسيرة الاسبوعية كما يفعل كل يوم جمعة.
ويوضح ان المواجهات هناك كانت شديدة، وانه وقف مع زملائه الصحفيين في منطقة يفترض ان تكون آمنة اذ انها بعيدة نسبيا عن الشبان الفلسطينيين المتظاهرين وعن قوات الاحتلال، كما انه وكل الصحفيين المتواجدين كانوا يرتدون السترات والخوذ الواقية وشارات الصحافة.
ويقول اشتية: “كنت اقوم بالتصوير وفجأة اصبت بثلاث رصاصات مطاطية اثنتان منها في الفخذ اليمين والثالثة في القدم اليسرى، وعندما ادرت ظهري للانسحاب من الموقع اصبت برصاصة رابعة في الظهر الا ان السترة الواقية صدتها، وقام زملائي الصحفيين بمساعدتي للوصول الى سيارة الاسعاف، حيث قدم لي مسعفون الاسعافات الاولية”.
ويجزم اشتية بان جنود الاحتلال ارادوا استهداف احد الصحفيين في الموقع لتخويفهم واجبارهم على الابتعاد فكان هو الهدف الذي اطلقوا عليه الرصاص المطاطي بشكل متعمد.
ويشير الى أن الصحفيين الذين يتوجهون كل اسبوع لتغطية مسيرة كفر قدوم يتعرضون دوما للاستهداف المباشر من قبل جنود الاحتلال، ولا يكاد يمر اسبوع من دون اصابة احد الصحفيين، موضحا انه هو ذاته اصيب اكثر من 20 مرة في مسيرات كفر قدوم.
ويقول انه في احدى المرات وتحديدا بتاريخ 2/9/ 2019 كاد ان يفقد حياته على ارض كفر قدوم حينما اطلق جنود الاحتلال قنبلة غاز (صاروخية) على راسه بشكل مباشر، وقد نجا بارادة الله اولا وبفعل الخوذة التي كان يرتديها ثانية.
ويقول بأنه عرف لاحقا من فريق من الصليب الاحمر زاره في بيته لتسجيل افادته، بأن قنبلة الغاز التي اطلقت عليه اسمها “الصاروخية” وهي من الذخائر المحرمة دوليا، وان الصليب الاحمر قد تقدم بشكوى على اثرها لحكومة الاحتلال من اجل عدم استخدام مثل هذه القنابل مرة اخرى.
وفي سجل اشتيه الذي يزخر بالاصابات، اصابة اخرى غيرت مجرى حياته حيث سببت له عجزا دائما في عينه اليسرى ما افقده النظر بنسبة 52%. فبتاريخ 16/ 5/ 2015، خرجت مسيرة في ذكرى النكبة بالقرب من حاجز حوارة جنوب نابلس، وما كادت المسيرة تبدأ وقبل ان تبدأ المواجهات انبطح احد الجنود اراضا وسدد رصاصة معدنية صوب اشتية بشكل مباشر ومتعمد فاخترقت القناع المضاد للغازات الذي كان يغطي به وجهه واصيب بعينه اليسرى ، وسبب له عجز كبير، عقب هذه الحادثة رفع اشتية قضية للقضاء الاسرائيلي، وبعد اخذ ورد مدة 5 سنوات اعتراف جيش الاحتلال بمسؤوليته عن الحادثة الا ان اشتية خسر القضية اذ جاء رد المحكمة بان اسرائيل في حالة حرب ولا يمكنها دفع تعويضات.
ومن الحوادث الاخرى التي ما تزال راسخة في ذهن وذاكرة اشتية يوم صادر جنود الاحتلال كاميراته وسلموها لاحد المستوطنين الذي قام باتلافها. ويقول اشتية بأن هذه الحادثة حصلت عام 2012 عندما خرج ليصور هجوما للمستوطنين على مزارعين في قرية سالم شرق نابلس، وكان من المشاهد التي صورها قيام مستوطن بمحاولة ضرب مزارع فلسطيني باداة حادة، وعندها قام جنود الاحتلال باحتجازه ومصادرة كاميراته وتسليمها للمستوطن ذاته. وقد تقدم اشتية حينها بشكوى، وبعد ذلك بنحو 20 يوما تم الاتصال به لاستلام كاميراته من معسكر حوارة، وعندما تسلمها وجدها محطمة بالكامل ولا تصلح لاي استخدام.
وعلى الرغم مما تعرض له اشتية من مآسي فانه يؤكد ان مثل هذه الاعتداءات لم تعد تخيفه او تثنيه عن ممارسة عمله ودوره الصحفي في توثيق الحقيقة، مؤكد ان الاعمار بيد الله وحده سبحانه وتعالى، ولكنه في الوقت ذاته يشير الى قلق زوجته وابنائه المتعاظم عليه، وخشيتهم الدائمة على حياته.