غزة/ وحدة الإعلام:
في مشهدٍ فاق سياسة “تبادل الأدوار” بين السلطة الفلسطينية وسلطات الاحتلال، عقدت محكمة صلح نابلس بالضفة الغربية المحتلة، أول من أمس، جلسة محاكمة للصحفي الأسير في سجون الاحتلال الإسرائيلي طارق أبو زيد (45 عامًا)، استكمالًا لجلسات سابقة في قضية “تلفيقية” مرفوعة ضده منذ عام 2016.
أما الاحتلال فقد عدَّ “العمل مع فضائية الأقصى” تهمةً زج في إثرها الصحفي أبو زيد في غياهب سجونه، في حين غابت الأجسام الصحفية -خاصة نقابة الصحفيين بالضفة الغربية- عن المشهد، وتركته وحيدًا في مواجهة سجانه.
واعتقلت قوات الاحتلال أبو زيد في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بعد دهم منزله وتفتيشه في مدينة نابلس، وأجَّلت محاكمته مرات عدة، إذ تتهمه بالعمل مع مؤسسة محظورة، في حين أكملت محكمة صلح نابلس محاكمته بتهمة “إذاعة أنباء كاذبة تنال من هيبة الدولة”.
عدم استقرار
نور عطا الله زوجة الصحفي أبو زيد بيَّنت أنه اعتقل مرات عدة لدى الاحتلال، كان منها اعتقاله عام 2007 ضمن حملة اعتقالات عشوائية، حيث اعتقل إداريًّا دون تهمة، ثم اعتقل عام 2013 5 أشهر في أثناء تغطيته مسيرة ضد الاستيطان في كفر قدوم.
وأضافت عطا الله لصحيفة “فلسطين” أن زوجها مكث في الاعتقال الأخير شهرًا في تحقيق “بتاح تكفا”، وحُجر أسبوعين، ثم نُقل لسجن “مجدو” حيث يقبع حاليًّا، مشيرة إلى أنه كان من المفترض أن يكون له محاكمة يوم 29 نوفمبر/ تشرين الثاني المنصرم، لكن الاحتلال أجَّلها إلى نهاية ديسمبر/ كانون الأول الجاري.
وأول من أمس، تفاجأت باتصال من مؤسسة حقوقية تسألها عن زوجها، لأنه متغيب عن جلسة محاكمة كانت تعقدها له السلطة، فأخبرتها أنه مسجون لدى الاحتلال، موضحة أن السلطة اعتقلته مرارًا على خلفية سياسية، وعقدت له محاكمة غيابية على خلفية عمله الصحفي. ولفتت إلى أن آخر اعتقال سياسي لدى السلطة كان عام 2016، ومنذ ذلك الحين تعقد له محاكمة كل شهرين، فخرج وقتها بكفالة.
وأكدت أن الاعتقالات المتكررة لزوجها تربك سير حياة أسرته اليومية، إذ يعاني أطفالها الثلاثة غياب والدهم وسوء أحوالهم النفسية نتيجة ذلك، مضيفة: “لا نشعر بالاستقرار ولا الأمان، نخشى في أي لحظة اقتحام المنزل، سواء من الاحتلال أو من أجهزة أمن السلطة”. وذكرت أن زوجها قبل اعتقاله كان يهجر النوم ليلًا خشية دهم المنزل فجأة، فاعتاد السهر والبقاء في حالة تأهب حتى صلاة الفجر والنوم نهارًا، اعتقادًا منه أن النهار أكثر أمانًا.
مؤسسة محظورة
وبيَّن الصحفي أسيد عمارنة زميل الأسير أبو زيد أن الاحتلال حقق مع طارق -وفق ما أفادت محاميته- بشأن عمله الصحفي في قناة الأقصى التي يعمل معها منذ 2014، والرواتب التي تلقاها منها، والتقارير التي كان يغطيها لها.
وأوضح عمارنة لـ”فلسطين” أن أبو زيد رد عليهم بأنه يعمل صحفيًّا منذ 20 عامًا، ويعمل مع قناة الأقصى عملًا مهنيًّا يغطي الأحداث في شمال الضفة الغربية، كبقية زملائه الصحفيين. وأخبرهم أبو زيد أيضًا أنه لم يبلَّغ رسميًّا من أي جهة كانت بحظر عمله مع قناة الأقصى، وفق عمارنة الذي أشار إلى أن الاحتلال قدَّم لائحة اتهام تضم ثلاث تُهم، هي: العمل مع جهة محظورة، والانتماء لتنظيم محظور، وتلقي أموال من جهة محظورة.
وبيَّن أن الاحتلال أجَّل محاكمة أبو زيد أكثر من مرة لدراسة الملف، حيث عقد له ثلاث جلسات محاكمة، وأجَّل الرابعة التي كانت مقررة الاثنين الماضي إلى 23 ديسمبر الجاري، مبينًا أن محاميته طلبت الإفراج عنه بكفالة لكون عمله الصحفي قانونيًّا، فهو مسجل في نقابة الصحفيين، لكن الاحتلال رفض طلبها مرتين.
وأكد أن الاحتلال لم يتوقف في الآونة الأخيرة عن استهداف الصحفيين بالقتل والاعتقال والإصابة، عدا عن شنه هجمة خاصة على صحفيي شمال الضفة، ومنعهم من السفر، والاعتداء عليهم في أثناء أداء عملهم.
وعدَّ أن هناك تقصيرًا واضحًا من المؤسسات الرسمية بحق الصحفي أبو زيد، خاصة من نقابة الصحفيين التي لم تتصل للسؤال عنه، أو تذكره في بيان، رغم أن ذلك واجبها وعملها لكونها تمثل الصحفيين.
المصدر: صحيفة فلسطين