أقلام حرة

تحصين مناعة الأمة في مواجهة وباء التطبيع

محمد إسماعيل ياسين

كاتب صحفي

تتوالى صور التطبيع المخزية مع الاحتلال الإسرائيلي وقطعان مستوطنيه دون أدنى حياء أو إحساس بالعار، مخلفة جروحاً عميقة وقاسية في نفوس الأحرار، ومثيرة الإحباط والاستياء في صفوف الثوار، لاسيما أنها تفتح المجال واسعاً أمام تسلل ثقافة الهزيمة والانبطاح أمام الاحتلال الإسرائيلي الغاصب للأرض والمقدسات، وتتجاوز بكل تبجح روابط التاريخ والدم والدين عبر انحياز المتورطين بها بكل بلاهة وعته إلى جانب الجلاد المتورط بالجرائم ضد الإنسانية ومقدسات الأمة لاسيما مسرى النبي الكريم.

ورغم مرارة صور التطبيع المتتابعة لا ينبغي أن نعطيها أكبر من حجمها، فهي لا تمثل سوى شرذمة رضعت حليب الذل وتربت على الهزيمة وغاصت في وحل الخيانة، ولا تمثل بحال من الأحوال نبض الأمة الحقيقي وبوصلتها المتجهة نحو فلسطين وقدسها ومسجدها الأقصى المبارك، وإن غُيبت صور ذلك لصالح إبراز وتضخيم متعمد لصور التطبيع الذي هرولت إليه أنظمة أبعد ما تكون عن تاريخ ومجد الأمة وإرثها الحضاري وأقرب ما تكون للانبطاح في سبيل الحفاظ على كراسي زائلة، مع الإقرار بأن الحسنة الوحيدة لصور التطبيع أنها كشف سوءة أنظمة ادعت مراراً غيرتها على فلسطين، وبددت وهم أن تهب هذه الأنظمة وتحرك جيوشها لتحرير فلسطين وتطهير المسجد الأقصى من دنس الاحتلال.

ويجدر العمل بمبدأ “التشنيع لمواجهة التطبيع”، بحيث تقابل صور التطبيع بما يشعر المتورطين بها بالعار والخزي عبر استحضار مجازر الاحتلال وجرائمه ضد الإنسانية وضد المقدسات الإسلامية، وعدم السماح بتزييف وعي الأجيال بما يمهد الطريق نحو تحقيق انفصال جماهير الأمة عن قضيتها المركزية، ويتيح المجال للاحتلال الإسرائيلي للاستفراد أكثر بالشعب الفلسطيني والمقدسات الإسلامية والمسجد الأقصى المبارك، ولا سبيل للحيلولة دون ذلك سوى بنهوض الأحرار بواجبهم ودورهم المنشود في مواجهة شرذمة التطبيع بما يتيح المجال لإبراز وسيادة صور تضامن الأمة مع الشعب الفلسطيني.

ومما يدعو لضرورة أن ترتفع الأصوات الرافضة للتطبيع والمنددة به ألا نفتح المجال لتوهم أحد بأن الثلة المطبعة تمثل الأمة العربية والإسلامية بحال من الأحوال، أو تعكس نبضها وبوصلتها، وألا نسمح بتحقيق أهداف الاحتلال بشرعنة وجوده وفتح الطريق أمامه للتسلسل بين جماهير الأمة بأشكال وصور متعددة، وللحفاظ على المناعة القومية والوطنية في وجه وباء التطبيع على غرار المشهد الداعي للفخر في الشارع المصري الذي لفظ ويلفظ التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي بكل أشكاله وصوره.

كما ينبغي أن تنبري الأمة بمختف أطيافها وشرائحها لإعلان البراءة التامة من كل مطبع وداعم للتطبيع وداعي ومبرر له، كما تتبرأ العائلات الكريمة والأصيلة من أبنائها العاقين والمجرمين، بحيث يشعر كل مطبع بالعار والخزي أينما حل ورحل، فمن يفرط بأية الإسراء لا يؤتمن على وطن، ولا على دين، ولا تاريخ، ولا على حضارة، أو تراث، إذ إنه يمثل أحدث صيحات العمالة، بل هو أدهى وأمر على وعي ووجدان الأمة وأجيالها المتعاقبة، الأمر الذي يستوجب تحصين مناعة الأمة ضد وباء التطبيع بمختلف السبل والطرق، وهذه مسؤولية كل عربي حر شريف يؤمن بخيرية الأمة ويعتز بتاريخها المجيد، ولا يرفع الراية البيضاء أمام واقع الهزيمة والرذيلة والخضوع والخنوع.

إن الرهان الحقيقي على نبض ووعي جماهير الأمة للوقوف في وجه التطبيع والمطبعين، وعلى النخب الفكرية والثقافية والسياسية الغيورة والأمينة الاضطلاع بدورها بتوجيه جماهير الأمة العربية والإسلامية نحو قضيتها المركزية، وعدم السماح بحال من الأحوال بتمرير مخططات إلهاء الأمة وحرف بوصلتها عن فلسطين ومسجدها الأقصى المبارك حوله، وقطع الطريق على كل محاولات التغلغل الإسرائيلي في المجتمعات العربية والإسلامية، وبث الأمل بحتمية تحرير فلسطين وكنس الاحتلال الإسرائيلي طال الزمان أم قصر.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى