غزة/ نور الدين صالح:
لا تزال مواقع إخبارية ووسائل إعلامية محظورة على شبكة الإنترنت بقرار من السلطة في رام الله، رغم إصدار رئيسها محمود عباس مرسومًا بشأن تعزيز الحريات في الأراضي الفلسطينية، وسط مطالبات من صحفيين ومؤسسات إعلامية بالتراجع عن هذا الحجب، لتعزيز مبدأ حرية الرأي. ورغم مرور أكثر من أسبوع على صدور المرسوم، فإن السلطة لم تفكّ الحظر المتواصل منذ عام 2019، عن قرابة 50 موقعا إعلاميا الكترونيا، بحجة أنها “تهدد الأمن القومي والسلم الأهلي وتثير الرأي العام الفلسطيني”، وهو ما يثير شكوك صحفيين بشأن مدى جدية إجراء انتخابات شفافة ونزيهة.
وكان عباس قد أصدر في 20 فبراير/ شباط الجاري مرسوما بشأن تعزيز الحريات العامة، على أن يكون ملزما للأطراف كافة في الأراضي الفلسطينية، بما فيها حرية العمل السياسي والوطني وفقا لأحكام القانون الأساسي والقوانين ذات العلاقة.
مرسوم بلا تطبيق أستاذ الإعلام في الجامعة الإسلامية بغزة وائل المناعمة، يرى أن مرسوم الحريات صدر لكن دون أي تطبيق عملي على الأرض خاصة في الضفة الغربية المحتلة، إذ لا توجد أي ممارسة حقيقية توحي بوجود حريات حقيقية.
وأوضح المناعمة في حديث خاص بصحيفة “فلسطين” أن السلطة ما زالت تحجب قرابة 50 موقعا إلكترونيا بقرار غير قانوني منذ سنوات، مضيفا: “إذا كان هناك حرية حقيقية وفتح الباب للتعددية السياسية والحرية، يجب السماح لهذه المواقع والصحف للعمل في الضفة، وإلا سيبقى المرسوم حبرا على ورق، فمواصلة حجب المواقع لا يبشر بخير”. وعزا استمرار الحجب إلى تقديرين: الأول: أن عباس غير جاد في تعزيز الحريات وإطلاقها في الضفة، وعليه يكون المرسوم الصادر “شكليا”. والثاني: وفق المناعمة، عدم وجود سلطة لعباس على الأجهزة الأمنية في الضفة، حيث تواصل ممارسة عملها من منطلق التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي، وتتلقى تعليماتها منه مباشرة.
وقال مدير منتدى الإعلاميين الفلسطينيين محمد ياسين إن مرسوم عباس بشأن إشاعة الحريات وتعزيزها إيجابي من حيث المبدأ، لكن على أرض الواقع لم نلمس أي ثمار حقيقية له. وبيّن ياسين في حديث لـ”فلسطين” أن حجب المواقع الإلكترونية ما زال مستمرا، رغم انتهاء فترة الحجب التي حددها القرار القضائي غير القانوني، مشددا على ضرورة فك حظرها، خاصة أننا على أبواب مرحلة جديدة يؤسس لها الشعب الفلسطيني بالتوجه إلى صناديق الاقتراع خلال مايو/ أيار المقبل.
وأكد ضرورة البدء بفكفكة كل الملفات العالقة التي تشكّل كبتا للحريات سواء الاعتقال السياسي أو ملاحقة الصحفيين، ورفع الحظر عن المواقع الإلكترونية، مطالبا في الوقت ذاته بتعديل قانون الجرائم الإلكترونية الذي يفرض قيودا كثيرة تحد من حرية التعبير. وعدّ استمرار حجب المواقع الإلكترونية “دليلا على عدم جدية إشاعة أجواء حقيقية لانتخابات نزيهة”، لافتًا إلى أن أبجديات الانتخابات النزيهة تثبيت لحق المواطن في الوصول للمعلومة وحرية الرأي والتعبير.
وتساءل: “كيف سيمارس المواطن والصحفي حرية التعبير وتبادل المعلومات، وأداته الرئيسة وهي المواقع الإلكترونية مكبلة دون وجه حق؟”، عادًّا ذلك “خطورة ومؤشرا سلبيا على مدى جدية إجراء انتخابات نزيهة”.
وجدد تأكيد ضرورة تثبيت الحريات العامة عمومًا سواء في فترة الانتخابات أم بعدها، رافضا مبدأ ربط الحريات العامة بموسم الانتخابات. تسويق للإعلام الدولي وطالب الكاتب والصحفي محمد القيق بالإسراع في التنفيذ الفعلي لمرسوم الحريات، من خلال رفع الحجب عن المواقع المحظورة، وإتاحة المجال لحرية التعبير والرأي وغيرها.
وعدّ القيق في حديث لـ”فلسطين” إصدار مرسوم الحريات مع استمرار حظر المواقع الإلكترونية والمؤسسات الصحفية “تسويقا للإعلام الدولي فقط”، وهو ما يضع علامات كبيرة من الخوف على مستقبل الحريات.
وبيّن أن كل ما يجري يضع تساؤلات بشأن مدى جدية تنفيذ مرسوم الحريات، خاصة أنه صدر من عباس الذي يترأس حركة فتح وهي أحد أطراف الخلاف في الساحة الفلسطينية. وأكد ضرورة وجود طرف ثالث لمتابعة مدى تنفيذ المراسيم بما فيها الحريات، لضمان عدم العبث فيها، عادًّا عدم وجوده ينبئ بقتامة المرحلة القادمة.