الرسالة نت-أمل حبيب
لابد أنك تعرف يوسف، حتمًا ستكون قد سمعت صوته عبر الأثير، في طريقك لعملك صباحًا يرحب بك، يخبرك أن النهار سيكون مبهجًا عندما تبتسم، صوته يشبه الصباح وغزة معًا!
غزة التي تحفظ وجوه أبنائها، طريقة حديثهم، نبرة صوتهم، فقدت ابنها الهادئ، صاحب الهمة العالية والعمل المتقن، المذيع في إذاعة صوت الأقصى يوسف أبو حسين، ثم إنها تفتقد صوته العالي!
القسط الأخير!
في بيته يأخذ يوسف قسطًا من الراحة مساء الثلاثاء، بعد تغطيته الصحفية لتسعة أيام من العدوان الإسرائيلي على غزة، ذاك القسط الأخير أوصله إلى راحة أبدية في دار السلام!
طائرة حربية أفرغت حقدها فوق رأس الصحفي أبو حسين في منزله بحي الشيخ رضوان غرب مدينة غزة، استشهد المذيع وبات هو الخبر!
عبر الهواء مباشرة لطالما أخبرنا يوسف بأن مسلسل الإجرام الإسرائيلي تخطى كل الحدود، عدو لا يميز بين مدني أو عسكري، حتى أنه يتعمد اغتيال صاحب كل خوذة فوق الرأس حفر عليها “برس”!
قبل يومين فقط من رحيله طلب من أصدقائه الدعوات له خلال توجهه للعمل بعد قصف المحتل لمقر إذاعة صوت الأقصى التي كانت في أحد طوابق برج الشروق الذي تم استهدافه!
صوت وصورة!
خلف الميكرفون كانت أغلب صور يوسف، يشاركها مع أصدقائه على حسابه عبر الفيس بوك، وكوفية تلتف حول عنقه، وابتسامة هادئة لصاحب الصوت العالي!
في كل مرة يحاول فيها يوسف كشف الحقيقية وشبهات الفساد من خلال برنامجه، لم يكن يعلم أنه سيمسي ضحية لجريمة بشعة، لأن صوته أخاف هذا الكيان المحتل!
صورة تداولها أصدقاء الشهيد، ذهب جميعهم لرثائه أسفلها، صورة له مع طفليه، هذا الوجه يوسف، وفي سيارة الأجرة نقول “هذا صوت يوسف”!
زميلنا الهادئ، الخلوق، صاحب البصمة في عمله الإذاعي، صديق مؤسسة الرسالة للإعلام، لاسيما بعد اختياره لتحقيقات الصحفيين فيها لتكون عنوانًا لحلقاته عبر برنامج المساءلة الأسبوعي “الصوت العالي”!
لم يسمع العالم صوتك ليلة أمس، باغتك صاروخ إسرائيلي، فجّر منزلك، قتلك لأنك صوت الحق هنا!
إليك يا صاحب الصوت العالي، الحر دائمًا، هذا وجهك الخالد بيننا، سيبقى أثرك، صوتك وهذه الصورة!
*يوسف على الأكتاف!
حُمل يوسف على الأكتاف، وعلى صدره وضعوا درعه الذي كان من المفترض أن يحميه من أي استهداف إسرائيلي وفق القوانين الدولية ومواثيق حقوق الإنسان، درعٌ اختلط بدمائه فقط دون حماية!
هند شريدة من الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة أمان تقول عبر حسابها على الفيس بوك “رجعت بذاكرتي لحلقة قام يوسف بإعدادها وتقديمها في تموز 2018 حول انتهاكات الاحتلال لمسيرات العودة، وضرورة مساءلة ومحاسبة الاحتلال على جرائمه، وتحويلها الى محكمة الجنايات الدولية”، وتعلق بالقول: “باستشهادك يا يوسف، قدّمت ذاتك دليلاً إضافياً، وبيّنة على جرائم الحرب المتسلسلة التي يرتكبها الاحتلال بحقّ الرواية الفلسطينية، واستهداف بيوت الصحفيين والصحفيات، عند رفع العدوان الغاشم على القطاع لمحكمة الجنايات الدولية”.