أقلام حرة

ويحدثونك عن التضامن الدولي!!

محمد إسماعيل ياسين

مدير منتدى الإعلاميين الفلسطينيين

لا شك أن تخصيص يوم عالمي للتضامن مع الصحفي الفلسطيني رسالة بالغة الوضوح برفض الانتهاكات الإسرائيلية بحقه، وتعبير عن الانحياز لقيم حقوق الإنسان وحرية الصحافة، لكن التوقف عند هذه المناسبة الموافقة للسادس والعشرين من سبتمبر كل عام، ومراجعة مدى تطبيقها على أرض الواقع يدعو للأسف وشيء من الإحباط، إذ يقتصر الأمر على بعض البيانات الخجولة، وربما الفعاليات الضعيفة، دون إسناد حقيقي للصحفي الفلسطيني الذي يتعرض لمسلسل طويل من الانتهاكات الإسرائيلية التي بلغت حد القتل العمد وتدمير مقار المؤسسات الإعلامية في وضح النهار وعلى وقع البث الحي المباشر لوسائل الإعلام.

 

وبكل تأكيد، لا يتسع المقال والمقام لسرد الانتهاكات الإسرائيلية المتعددة بحق الإعلام الفلسطيني وفرسانه، إذ إن تقارير الجهات المختصة حافلة بالتفاصيل الموجعة، وكل انتهاك مرصود يثير علامات استفهام حول جدوى القوانين الدولية والمواثيق الإنسانية الخاصة بحماية الصحفيين وحرية العمل الصحفي، كما يثير علامات الدهشة والاستغراب من حالة السكون التي تنتاب المؤسسات الدولية المختصة بحماية الصحافيين والدفاع عنهم، لاسيما الاتحاد الدولي للصحفيين ومنظمة مراسلون بلا حدود واتحاد الصحفيين العرب.

 

ومن نافلة القول، أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تحاول عبثاً كسر قلم الصحفي الفلسطيني لوقف مداده، وتحطيم كاميرته لحجب صوره، وخنق أنفاسه لكتم صوته، متوهمة أن بإمكانها انجاز ذلك عبر استخدام القوة المفرطة، متجاهلة أن طائراتها الحربية التي دكت مقار أكثر من 50 مؤسسة إعلامية عجزت عن ذلك، وأن تغييب أكثر من عشرين صحفي في زنازينها فشل في إرهاب فرسان الإعلام الفلسطيني والحد من عزيمتهم وإصرارهم، وأن الاستهداف المباشر بالقتل والإعدام بدم بارد فشل في وقف الكاميرا والمايك والقلم الفلسطيني.

 

إن التضامن الدولي الحقيقي يتطلب دعماً وإسناداً للصحفي الفلسطيني عبر كف يد الاحتلال الإسرائيلي عن استهدافه المتواصل، فضلاً عن الضغط على الاحتلال لإطلاق سراح عشرين صحفياً يرزح جلهم رهن الاعتقال الإداري المخالف لكل الأعراف والمواثيق الدولية، علاوة على ضرورة ترجمة التضامن من خلال المساهمة الفعلية في إعادة إعمار المؤسسات الإعلامية التي دمرها الاحتلال خلال عدوانه الأخير على قطاع غزة، والتي يربو عددها عن الــ 50 مؤسسة إعلامية بعضها دولي، علاوة على ضرورة محاسبة قادة الاحتلال على جرائمهم باستهداف الصحفيين، وإلغاء عضوية الاحتلال بالاتحاد الدولي للصحفيين كأبسط تعبير عن رفض انتهاكاته بحق الصحفيين الفلسطينيين.

 

ولئلا نغرق في وهم التضامن العالمي، وانطلاقاً من القناعة بأنه “ما حك جلدك مثل ظفرك”، فالأمر يحتاج إلى الالتفات إلى البيت الداخلي للصحفيين عبر تفعيل مختلف أشكال النضال النقابي لوقف المماطلة والتسويف في إطلاق قطار إصلاح واقع نقابة الصحفيين الفلسطينيين، إذ لم يعد مقبولاً استمرار حالها على النحو الراهن، لاسيما في ظل تألق الصحفي الفلسطيني في مختلف الميادين المحلية والدولية، وفي ضوء تضحياته في مختلف المحطات الوطنية، الأمر الذي يستوجب وجود نقابة فاعلة تليق بالصحفي ومكانته في المجتمع ودوره الوطني في نصرة القضية الفلسطينية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى