وعند إخراج النعش من المستشفى الفرنسي في القدس الشرقية، اقتحمت شرطة الاحتلال باحة المستشفى وحاولت تفريق حشد كان المشاركون فيه يهتفون ويلوحون بالأعلام الفلسطينية.
وكاد النعش يسقط أرضا عندما انهال عناصر الشرطة على حامليه بالضرب بالهراوات، قبل أن يتمّ تقويمه ورفعه في اللحظة الأخيرة.
وأسفر تدخل القوات الإسرائيلية عن إصابة 33 شخصا بجروح، وفق الهلال الأحمر الفلسطيني. في حين ذكرت الشرطة الإسرائيلية أنها اعتقلت 6 أشخاص.
إدانات
وبعد اتساع دائرة الإدانات الدولية للهجوم الإسرائيلي على المشيعين، أعلنت شرطة الاحتلال السبت أنها ستفتح تحقيقًا في الأمر، وأنها ستعلن النتائج في الأيام المقبلة.
فقد أعرب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن عن “انزعاج عميق لمشاهد مهاجمة الشرطة الإسرائيلية الموكب الجنائزي”.
وتحدثت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليه عن صور “صادمة”.
من جهته، دان الاتحاد الأوروبي “استخدام العنف بشكل غير متناسب والتصرف الذي ينم عن عدم احترام من جانب الشرطة الإسرائيلية تجاه المشاركين في موكب التشييع”.
وأعربت القنصلية الفرنسية في القدس عن “صدمتها الشديدة” حيال “العنف الذي استخدمته الشرطة”.
وقالت ألمانيا إنها تأسف لأن الجنازة لم تتم “بسلام وفي شكل لائق”.
كذلك، رأت إسبانيا أن “استخدام القوة غير المتكافئة هو أمر مرفوض”.
كما عبرت وزارة الخارجية الفنلندية عن انزعاجها من “عنف الشرطة الإسرائيلية وعدم احترامها لجنازة أبو عاقلة”.
وأعلنت قطر في بيان أن “سلطات الاحتلال لم تكتفِ بقتل شيرين بدم بارد أثناء أداء واجبها، بل استمرت في إرهاب المدنيين والمشاركين في الجنازة حتى مثواها الأخير”.
واعتبرت مؤسسة ديسموند توتو أن مشاهد تدخل الشرطة “تذكر بوحشية التعامل مع أناس في حداد خلال تشييع ناشطين ضد الفصل العنصري” في جنوب إفريقيا.
وفي النرويج، ندد أبناء الجالية العربية ومتضامنون مع القضية الفلسطينية -على هامش فعالية ذكرى يوم النكبة الفلسطينية الرابع والسبعين- باغتيال عاقلة، ووقفوا دقيقة صمت ترحما على روحها وطالبوا بإغلاق السفارة الإسرائيلية في أوسلو وطرد السفير ردا على اغتيالها.
وبعد انتهاء الفعالية، انطلقت مسيرة في شوارع العاصمة، يتقدمها نعش رمزي للشهيدة شيرين، وردد المشاركون هتافات غاضبة تطالب بمعاقبة إسرائيل على جريمة الاغتيال.
جريمة حرب
وفي السياق، قال وزير العدل الفلسطيني محمد الشلالدة -في مقابلة مع الجزيرة- إن إسرائيل تتحمل المسؤولية الكاملة عن اغتيال شيرين أبو عاقلة، وإنها جريمة متعمدة وترقى إلى جريمة حرب.
وأضاف المسؤول الفلسطيني أن المقذوف بحوزة السلطة الفلسطينية حاليا، وأن السلطة لا يمكن أن تشرك الجانب الإسرائيلي في التحقيقات بحكم سوابق عديدة.
وأضاف وزير العدل الفلسطيني أن فحص المقذوف الذي استخدم في الجريمة يحتاج وقتا، لكن من حيث الدلائل الجنائية، فإن المقذوف الذي أصاب شيرين أبو عاقلة صادر من إطلاق نار من جنود الاحتلال الإسرائيلي، وأن التأخير في إعلان نوع السلاح مرتبط بمجريات التحقيق، لافتا إلى أن ملف القضية يجب أن يستكمل بالأدلة الجنائية.
وشدد وزير العدل الفلسطيني على أن قانون الغاب سيسود إن لم تتم محاسبة إسرائيل باعتبارها دولة مارقة، وفق تعبيره.
وأكد أن الجهات الرسمية الفلسطينية سترفع ملفا تكميليا بخصوص جريمة اغتيال الزميلة شيرين أبو عاقلة وتحيله إلى المحكمة الجنائية الدولية.
في غضون ذلك، قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن السلطة الفلسطينية “ستستمر في التحقيق في استشهاد شيرين أبو عاقلة”.
وأكد عباس -خلال تقديمه العزاء لعائلة الفقيدة ووفد من قناة الجزيرة حضر مراسم التشييع- أن السلطة لن تسمح لإسرائيل بالمشاركة في هذا التحقيق.
من جهته، قال رئيس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة يحيى السنوار إن التحقيق في اغتيال مراسلة الجزيرة شيرين أبو عاقلة يجب أن يكون مع من أعطى أوامر إطلاق النار عليها.
وفي تصريحات للجزيرة، أكد السنوار أن “استهداف الشهيدة شيرين أبو عاقلة كان مباشرا”.
دعوات للتحقيق
وتتواصل داخل فلسطين وخارجها الدعوات إلى التحقيق في اغتيال شيرين أبو عاقلة، فقد قال الناطق باسم الاتحاد الأوروبي، بيتر ستانو، للجزيرة إن الاتحاد يرغب في تحقيق فعلي ومستقل ومعاقبة المسؤولين عن الجريمة.
وكانت القناة 12 الإسرائيلية قد أفادت بأن واشنطن طلبت من تل أبيب توضيحا بشأن التحقيق.
من جهته، اعتمد مجلس الأمن الدولي -أمس الجمعة- بيانا صحفيا، كانت الولايات المتحدة قد وزعته على الدول الأعضاء، أعرب فيه عن استنكاره الشديد لمقتل الصحفية الفلسطينية الأميركية الزميلة شيرين أبو عاقلة.
ودعا البيان الصحفي إلى إجراء تحقيق فوري وشامل وشفاف في مقتل شيرين أبو عاقلة، كما شدد على الحاجة إلى ضمان المساءلة ووجوب حماية الصحفيين بصفتهم مدنيين.
استياء حقوقي إسرائيلي
ويفيد مركز بيتسيلم بأن جهاز التحقيق العسكري الإسرائيلي هو مجرد منظومة لطمس الحقائق؛ إذ تكون عملية التحقيق بطيئة إلى حد لا يطاق.
ويعطي المركز الإسرائيلي مثالا على ذلك بأنه تقدم منذ عام 2000 إلى النيابة العسكرية بمطالبات للتحقيق في 739 حادثة قتل واعتداء على فلسطينيين تأكد بيتسيلم من مصداقيتها، وأن ربع هذه الحالات لم يجر التحقيق فيها أبدا حتى منتصف عام 2016.
وأوضح المركز أن نصف الحالات تقريبا فتح فيها ملفّ تحقيق وأغلق من دون أن يسفر عن أي نتيجة.
كما تبيّن له أن نسبة احتمالات انتهاء الشكوى بلائحة اتّهام هي 3% فقط.
ويختم مركز بيتسيلم بالقول إنه بناء على ذلك قرر -منذ عام 2015- التوقّف عن رفع الشكاوى إلى جهاز تطبيق القانون العسكري الإسرائيلي، لأن النيابة العامة العسكرية -برأيه- ليست سوى أداة للتمويه على الجرائم التي ترتكبها القوات الإسرائيلية ولحماية الجيش من المساءلة.