محمد إسماعيل ياسين | كاتب صحفي
سطر المؤتمر الوطني للصحفيين الفلسطينيين أبلغ رسائل الاحتجاج والرفض لمسرحية انتخابات نقابة الصحفيين الفلسطينيين التي جرت في الثالث والعشرين من مايو الماضي دون توافق بين الأطر الصحفية الوازنة، وشكل رسالة واضحة لكل من يعينه الأمر بضرورة التدخل وبذل الجهد الكافي لإعادة النقابة إلى مسارها المهني الصرف وانتشالها من أتون الأجندة السياسية والمحاصصة الحزبية التي شتت شمل الصحفيين ومزقت وحدة الجسم الصحفي الفلسطيني، كما بعث المؤتمر برسائل واضحة للاتحاد الدولي للصحفيين واتحاد الصحفيين العرب بأن ثمة إشكالية في نقابة الصحفيين الفلسطينيين تستدعي المعالجة بما يكفل قدرة النقابة على تمثيل الصحفيين الفلسطينيين كافة وحمايتهم والدفاع عنهم وتحقيق مصالحهم.
ومما يدعو للفخر والاعتزاز أن المؤتمر الوطني للصحفيين الفلسطينيين شكل ثمرة طيبة للعمل الوطني الوحدوي بين الأطر الإعلامية الوازنة التي نظمته، وعكس صدق النوايا تجاه إصلاح البيت المهني للصحفيين الفلسطينيين بعيداً عن أي اعتبارات حزبية أو محاصصة سياسية، وشكل حالة فريدة ينبغي السعي لتعزيزها وتوسيع نطاقها والبناء عليها لتحقيق الهدف المنشود بأن تكون نقابة الصحفيين بيتاً مهنياً لجميع العاملين في مهنة الصحافة، وألا تكون حكراً على طيف بعينه أو توجهات محددة.
إن المشاركة الواسعة من قبل مئات الصحفيين باختلاف توجهاتهم وانتمائهم في أعمال المؤتمر الوطني للصحفيين الفلسطينيين تحتم على القائمين على النقابة ضرورة إعادة النظر في خطواتهم الانفرادية والإقصائية، وأن يتخلوا عن مصالحهم الخاصة، ويضعوا اعتباراتهم الحزبية جانباً، وأن يثبتوا مدى حرصهم على وحدة الجسم الصحفي الفلسطيني من خلال إعلاء شأن مصالح الصحفيين والاعتبارات المهنية على أي حسابات خاصة ومصالح شخصية، فالاختبار أمامهم ماثل، والأمل بألا يخيبوا الظن بهم مجدداً قائم، فلا سبيل سوى العودة إلى الحوار الجاد والتوافق المبني على الأسس المهنية والأصول النقابية والقيم الديمقراطية.
كما يجدر بكل من شارك في مسرحية انتخابات النقابة أن يلتقط رسالة المؤتمر الوطني للصحفيين الفلسطينيين، وأن يتفحص وجوه المشاركين في المؤتمر جيداً ليجد أنها وجوه إعلامية معروفة ومرموقة وقد خبرتها ميادين العمل الإعلامي على مدار عقود طويلة، وحينها سيصل لحقيقة ساطعة مفادها أن إدارة الظهر لمئات الصحفيين ولحقوقهم لا تجدي نفعاً، ولا تعكس الأهلية المطلوبة للعمل النقابي الصحيح، ولا تكفل سلامة وقوة ووحدة نقابة الصحفيين، ولا تعني سوى التمترس خلف مصالح خاصة بعيدة كل البعد عن القيم المهنية والمصالح الوطنية، وتفتح الباب على مصرعيه للتساؤل عن سر الإصرار الغريب والعجيب على حرمان المئات من الصحفيين والصحفيات من حقهم الطبيعي بالانتساب للنقابة والمشاركة في انتخابات شفافة ونزيهة وفق الأصول الديمقراطية والنقابية المتعارف عليها ؟!، فضلاً عن تفصيل نظام داخلي وانتخابات وفق مقاسات حزبية صرفة.
وبكل تأكيد وثقة، لا يمكن بحال من الأحوال قبول استمرار وضع نقابة الصحفيين دون عملية إصلاح شاملة وجذرية تبدأ بغربلة العضويات من الدخلاء وفتح الباب لانتساب مستحقي العضوية وفق لجنة مهنية من المشهود لهم بالمهنية والنزاهة، مروراً بمعالجة النظام الداخلي وإشكالياته وصولاً لوضع خارطة طريق مجدولة زمنياً لإجراء انتخابات حقيقية للنقابة بما يعزز قدرتها على تمثيل الصحفيين الفلسطينيين كافة، وتحقيق مصالحهم المهنية والدفاع عن حقوقهم في مختلف المحافل المحلية والدولية، وبما يضع حد لإعادة استنساخ من فشلوا في تحقيق أي انجاز حقيقي لصالح الصحفيين على مدار سنوات طويلة.
إن نجاح المؤتمر الوطني للصحفيين الفلسطينيين والمشاركة الواسعة فيه تشكل رسالة دعم ومطالبة بضرورة استمرار الحراك الصحفي في النضال النقابي والمهني والإعلامي والقانوني والحقوقي من أجل انتزاع حق الصحفيين في نقابة مهنية قوية قادرة على تحقيق مصالحهم وحماية حقوقهم، وضرورة مواصلة الجهود المبذولة وتكثيف الضغوط محلياً ودولياً لإعادة القائمين على النقابة لجادة الصواب، وتصحيح بوصلة النقابة بما يحمي وحدة الجسم الصحفي الفلسطيني ويعزز قدرة الإعلام الوطني على مواجهة الاستهداف الإسرائيلي الشرس والمتواصل.