أستهل مقالي هذا بالتضامن مع الصحفي المتميز تامر المسحال الذي عاقبته شركة ميتا بحذف حسابه الشخصي على موقع فيسبوك، بعدما كشف عن تعاون الشركة مع الاحتلال في حجب المحتوى الفلسطيني، وما أظهره من تجاوزات جسيمة ارتكبتها بحق مستخدميها. إن حذف حساب صحفي لمجرد نشره مادة استقصائية تصرف عنصري غير مسؤول لا ينم إلا عن عقلية رجعية موغلة في التكبر وإنكار وجود الآخر.
واستناداً لما ورد من شهادات لخبراء ومختصين في الإعلام الرقمي وموظفين في إدارة شركة “ميتا” التي تمتلك مجموعة من أهم مواقع التواصل الاجتماعي في العالم مثل “فيسبوك، واتساب، انستجرام” فإن ما كشفه تحقيق ما خفي أعظم الذي أعده الصحفي تامر المسحال وتم بثه على قناة الجزيرة الفضائية حول استهداف الاحتلال وأجهزته الأمنية للمؤثرين الفلسطينيين بهدف حجب وصول الرواية الفلسطينية، يعد بمثابة حرب على الرواية الفلسطينية في الفضاء الرقمي بقصد إبقاء السيطرة والرواج حصراً لكيان الاحتلال.
كما أن أخطر ما كشفه التحقيق هو خضوع إدارة هذه الشركة والمواقع التابعة لها لإرادة دولة الاحتلال وتعاونها الكبير مع أجهزة الأمن الصهيونية وصلت حد التواطؤ ضد المستخدمين، مما يقدح في مصداقية هذه الشركة وإدارتها الحالية المنحازة للاحتلال، ويفسر سبب حظر وحذف آلاف الحسابات الفلسطينية والمتضامنة مع فلسطين.
إن ما كشفه التحقيق عن جزء من وسائل الاحتلال وأدواته وآلية عمله في محاربة الرواية الفلسطينية، يعد أمر بالغ الأهمية، ويثبت تجاوز هذه الشركات للقانون وتعديها على حرية المستخدمين عندما يتعلق الأمر بمصلحتها مع الكيان، في تجاوز فض لكل قيم الحرية والعدالة والحياد والحفاظ على خصوصية المستخدمين، مما يعزز إمكانية رفع دعاوي قضائية على إدارة هذه الشركات وتشكيل حالة من الضغط الشعبي والرسمي عليها، لتنتهي عن هذا العدوان الذي تمارسه بحق شعبنا الفلسطيني وكل من يسانده في الفضاء الرقمي.
أظهر التحقيق قوة الرواية الفلسطينية المستندة للحق الأصيل للشعب الفلسطيني ومدى خشية الاحتلال من هذه الرواية في ظل ما باتت تشهده مواقع التواصل الاجتماعي من قوة متصاعدة وتأثير واسع في تشكيل الرأي العام في فضاء أكثر حرية بعيداً عن مقص الرقيب الذي يخضع له جزء كبير من الإعلام الرسمي والتقليدي؛ لذلك هو يعمل على محاربتها وشطبها من الفضاء الرقمي، وهذا يدفعنا لتكثيف النشر والحديث حول أهمية مقاومة الاحتلال ومشروعه العنصري، وإظهار جرائمه وانتهاكاته الجسيمة بحق البشر والشجر والحجر في فلسطين.
إن واجب الحكومات والشعوب والأحرار أن يبادروا لاستثمار ما ورد في هذا التحقيق الاستقصائي وممارسة الضغط اللازم على شركة ميتا وغيرها من الشركات التي تنصاع لإرادة دولة الاحتلال وتشاركها الدور في قتل وقمع الشعب الفلسطيني المتمسك بأرضه وحقوقه.
ختاماً نسجل الشكر والتقدير لكل الأحرار الذين ينافحون ويدافعون عن فلسطين بالقلم والكاميرا واللسان والموقف في الواقع والمواقع، فالتواجد في المساحات الرقمية أمر بالغ الأهمية لا تقل أهميته عن أهمية الدور الذي يقوم به شعبنا الفلسطيني في الوطن المحتل في مقاومة المشروع الصهيوني.