باغتيال مراسلَي الجزيرة أنس الشريف ومحمد قريقع والمصورَين إبراهيم ظاهر ومحمد نوفل، يرتفع عدد الصحفيين الذين قتلهم الاحتلال الإسرائيلي في غزة منذ أكتوبر 2023 إلى 237 شهيدا.
قرابة عامين من الإبادة في غزة، أخفقت المؤسسات الدولية في تحقيق العدالة للصحفيين، بدءا بشيرين أبو عاقلة التي أشارت الأمم المتحدة إلى مسؤولية إسرائيل عن اغتيالها ووصولا إلى الزملاء الصحفيين في غزة الذين صاروا يموتون في “خيمة الصحفيين”.
أمام حالات الموت المتكرر والممنهج، لا ينتظر أن يفعل النظام الدولي شيئا تجاه الصحفيين في غزة لمساءلة القتلة، أما المنظمات الدولية التي تدافع عن حقوق الصحفيين فتكتفي عادة بإصدار بيانات إدانة للفعل فقط، وغالبا ما تساوي بين الضحية والجلاد أو تخفي هويته.
على أرض الواقع، يُفلت القتلة من العقاب ولا يُلاحَقون، بينما تستمر دوامة العنف ضد الصحفيين في غزة والضفة الغربية، بل إن حالة أنس الشريف (على نحو خاص) تكشف عن مفارقة أساسية: الجميع كان يعلم أن الاحتلال يريد قتله لكن لا أحد تدخل.
هكذا، فإن الصحفي في غزة -بناء على المقارنة مع أماكن أخرى من العالم- لا يحظى بالاعتراف، ولا يعامل معاملة زملائه، تارة باسم معايير التصنيف وتارة أخرى “في انتظار نتائج تحقيق الجيش الإسرائيلي”.
يدفع هذا الواقع، ليس فقط إلى الإحباط، بل إلى الإحساس بالعجز التام؛ إذ كيف ننشد العدالة للصحفيين الفلسطينيين بينما تحتكر دول كبرى ومؤسسات إعلامية ومنظمات دولية سلطة الاعتراف بمن هو الصحفي؟ وما هي السردية الجديرة بالتصديق عندما يُستهدَف الصحفي؟ هل ثمة وسيلة لملاحقة القتلة وجلبهم للعدالة كما حوكم مجرمو الحرب في البوسنة وفي رواندا؟
في عام 2021 دعت منظمات دولية تُعنى بحقوق الصحفيين إلى محاكمة شعبية في لاهاي للنظر في جرائم قتل الصحفيين. “كانت الغاية من المحاكم الشعبية هي مساءلة الدول عن انتهاكات القانون الدولي من خلال العمل على تشكيل الوعي العام وإعداد سجل قانوني بالأدلة، وأداء دور مهم على صعيد تمكين الضحايا وتسجيل قصصهم”.
ربما حان الوقت لتشكيل كتيبة من الصحفيين والقانونيين لتعقّب القتلة ومحاكمتهم شعبيا دون انتظار العدالة الانتقائية. حان الوقت أيضا لتضامن الصحفيين بعيدا عن بيانات الشجب والاستنكار والتعاطف المؤقت. حان الوقت لنقول إن قتل الصحفي لن يوقف التغطية.. إن قتل الصحفي لن يقتل القصة.
المصدر : مجلة الصخافة