أخر الأخبار

الخالدي ومؤمن ونوفل وإبراهيم.. حكايات 4 إعلاميين من غزة استشهدوا مع قريقع والشريف

لم تكن خيمة الصحفيين أمام مجمع الشفاء الطبي في غزة سوى مساحة متواضعة لتبادل الأخبار وشحن “الكاميرات”، لكنها في مساء الأحد الماضي، تحوّلت إلى شاهد على واحدة من أكثر اللحظات قسوة في تاريخ الصحافة الفلسطينية.
صاروخ إسرائيلي سقط مباشرة على الخيمة، ليمزق أجساد 6 من حاملي “الكاميرا” والقلم، بينهم المصوّران الصحفيان محمد الخالدي ومؤمن عليوة، اللذان ارتقيا إلى جانب زملائهما في قناة الجزيرة أنس الشريف ومحمد قريقع وإبراهيم ظاهر، إضافة إلى محمد نوفل
ومع رحيلهما، ارتفع عدد شهداء الصحافة منذ بدء العدوان على غزة إلى 238 صحفيا، بحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، في حصيلة تعكس حجم المخاطر التي يواجهها الإعلاميون في القطاع.
محمد الخالدي.. قاوم بالعزيمة
وُلد محمد عبد المجيد الخالدي عام 1988 في غزة، وعُرف في الأوساط الصحفية مراسلا حرّا تعاون مع منصات محلية، بينها منصة “ساحات”.
في مسيرته، برز الخالدي صحفيا ميدانيا قريبا من نبض الناس، يلتقط قصصهم في الأسواق والملاجئ وعلى خطوط المواجهة.
كان من أوائل من وثّقوا أزمات النزوح المتكرر في شمال القطاع، وغالبا ما شوهد وهو ينقل شهادات المدنيين بلهجة صادقة تعكس قربه من بيئته.
عند استهداف خيمة الصحفيين أمام مجمع الشفاء، أصيب الخالدي بجراح خطرة نُقل إثرها إلى المستشفى، لكنه فارق الحياة لاحقا.
مثّل رحيله خسارة مزدوجة، فهو لم يكن مجرد ناقل خبر، بل شاهدا على معاناة مجتمعه، وصوتا محليا أصيلا يملأ الفراغ الذي يتركه غياب التغطيات الدولية أحيانا.
مؤمن عليوة.. عدسة الجزيرة الشابة
أما مؤمن زياد عليوة، فكان شابا في مقتبل العمر، من مواليد 2002 في حي الشجاعية بغزة.
لم يتجاوز 23 عاما حين استشهد، لكنه حفر لنفسه مكانة خاصة ضمن طاقم قناة الجزيرة في القطاع
عمل مصورا ميدانيا، وارتبط اسمه بشكل وثيق بزميله المراسل محمد قريقع، إذ رافقه في معظم تغطياته للأحداث، حتى باتا ثنائيا لا ينفصل في ساحات العمل الميداني.
عُرف عليوة بدقته في التقاط اللحظات الحاسمة، سواء كانت مشاهد قصف أو لقطات إنسانية تُظهر التمسك بالحياة وسط الركام.
في بيئة عمل محفوفة بالمخاطر، ظل متمسكا بـ”الكاميرا” كأداة للمقاومة السلمية، يواجه بها محاولات طمس الصورة وحجب الحقيقة.
في يوم المجزرة، كان عليوة داخل الخيمة إلى جانب زملائه، يراجع لقطات اليوم ويستعد لجولة تصوير جديدة، قبل أن يباغتهم الصاروخ.
رحيله، وهو في بداية مسيرته، كان صادما لزملائه الذين وصفوه بـ”الشاب الخلوق المتفاني”، ولعائلته التي فقدت أحد أصغر أبنائها وأكثرهم التزاما برسالة الصحافة.
محمد نوفل.. رحل بعد أمه
محمد نوفل، البالغ من العمر 28 عاما، كان أحد الوجوه الشابة في طاقم قناة الجزيرة بغزة.
لم تمضِ سوى أسابيع قليلة على فقدانه والدته في قصف استهدف منزله، حتى لحق بها شهيدا في استهداف خيمة الصحفيين أمام مستشفى الشفاء.
عُرف نوفل بإخلاصه في تغطية الميدان، متنقلا بين جبهات القصف وأروقة المستشفيات ومخيمات النزوح، حاملا صوته و”كاميرته” لنقل معاناة أهله للعالم.
لحظة وداعه كانت مؤثرة، إذ شوهد والده وهو يخط اسم ابنه على قبره بيده، في مشهد يلخص عمق الفقدان الذي يعيشه أهالي الشهداء في غزة، ويجسد كيف تحوّلت الصحافة إلى جبهة نضال يختلط فيها الخبر بالدمع.
إبراهيم ظاهر.. عدسة الشمال
أما إبراهيم ظاهر، ابن مخيم جباليا البالغ من العمر 25 عاما، فقد التحق بطاقم الجزيرة خلال الحرب الأخيرة، ليكون عينها في شمال القطاع.
رافق المراسل أنس الشريف في تغطياته، متنقلا معه بين أنقاض البيوت والمستشفيات المزدحمة بالجرحى.
كان إبراهيم شغوفا بالتقاط تفاصيل الحياة وسط الحرب، مُصرّا على أن تنقل عدسته الحقيقة كما هي، بلا تزييف أو إخفاء.
في يوم المجزرة، كان ظاهر في قلب المشهد داخل الخيمة، يراجع لقطات اليوم ويتهيأ لجولة تصوير جديدة، قبل أن يخطفه القصف في لحظة واحدة، تاركا خلفه “كاميرا” صامتة وذاكرة مليئة بالصور التي لم تُعرض بعد، وإرثا بصريا يوثق صمود غزة وأهلها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى