أخر الأخبارأقلام حرة

مهمة قاتلة للصحفيين.. التغطية الإعلامية في غزة

أصبحت غزة من أخطر الأماكن على الصحفيين الفلسطينيين، وفقا لمنظمات حرية الصحافة. وبينما يستمر الصحفيون المحليون في العمل في ظروف صعبة، لا يزال الصحفيون الأجانب ممنوعين من دخول القطاع.
تجمع صحفيون أمام مستشفى ناصر في مدينة خان يونس، جنوب قطاع غزة، احتجاجا على استهداف زميليهم حسام شبات ومحمد منصور، اللذين قتلا في قطاع غزة في 26 مارس/آذار 2025.

على مدار عام ونصف مضى، تابع العالم تطورات الحرب في غزة، هذا الصراع الذي أودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص، وفقا للسلطات الصحية الفلسطينية، ونزح جميع سكانها البالغ عددهم 2,3 مليون نسمة تقريبا عدة مرات.

الصحفيون الفلسطينيون المحليون هم الوحيدون القادرون على نقل رؤية واضحة لما يحدث في غزة للعالم. لكن الصراع، الذي اندلعت شرارته بعد الهجوم الإرهابي الذي شنته حركة حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، جعل هذه المنطقة الصغيرة من أخطر الأماكن في العالم للتغطية الإعلامية، وفقا للجنة حماية الصحفيين (CPJ)، وهي منظمةٌ تُراقب حرية الصحافة عبر العالم ومقرها نيويورك.

شكّلت تغطية النزاع تحديا كبيرا للصحفيين المحليين نظرا لانقطاع الأنترنت والكهرباء. كما فقد العديد من الصحفيين أفرادا من عائلاتهم وأصدقائهم ومنازلهم. وفاقمت الضغوط الداخلية في غزة، من صعوبة عمل الصحفيين.

قالت صافيناز اللوح، وهي صحفية مستقلة في غزة، والتي فقدت أيضا شقيقها المصور، في الحرب ضمن تصريحات لـ DW قبل الاتفاق الأخير على وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في يناير: “من الصعب وصف شعور التواجد في غزة. دوي القصف المستمر والانفجارات وعدد القتلى لا يُوصف”.

بينما تقول سلمى القدومي، صحفية فلسطينية أخرى، في حديثها لـ DW إن “النزوح والانفصال عن العائلة كانا صعبَين خلال الأشهر الخمسة عشر من الحرب قبل توقف القتال”.

وأضافت القدومي في حديثها عبر واتساب من غزة: “لأن النزوح كان متكررًا، كنت أستقر في مكان ما، ثم أضطر إلى البحث عن ملاذ آخر من جديد، مدركة تماما أن لا مكان آمن حقا”. وقد أُصيبت سلمى أثناء تغطيتها للحرب جنوب غزة في حادثة قُتل فيها زميلها.

ومع استئناف القتال عقب انتهاء وقف إطلاق النار، عادت ظروف التغطية الإعلامية للاتسام بالخطر، من جديد، بل صارت قاتلة أحيانا.

أقيمت مساء الأربعاء 24 مارس 2025، في بيت حانون بغزة، جنازة مراسل الجزيرة الفلسطيني حسام شباتأقيمت مساء الأربعاء 24 مارس 2025، في بيت حانون بغزة، جنازة مراسل الجزيرة الفلسطيني حسام شبات
تشييع جثمان مراسل الجزيرة مباشر حسام شبات الذي قتل في غارة في بيت لاهياصورة من: Ahmed Al-Arini/Anadolu/picture alliance
صحفيون متهمون بالإرهاب
في 24 مارس/آذار، قُتل صحفيان فلسطينيان في غزة في غارتين إسرائيليتين متتاليتين. الأول هو الصحفي محمد منصور مع زوجته وابنه في غارة جوية على منزله في خان يونس جنوب غزة. وكان منصور يعمل لدى قناة فلسطين اليوم، التابعة لحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية.

وفي وقت لاحق من ذلك اليوم، قُتل حسام شبات، مراسل قناة الجزيرة مباشر، البالغ من العمر 23 عامًا، في غارة جوية على سيارته في بيت لاهيا، شمال غزة. وأعلن الجيش الإسرائيلي في بيان أنه “قضى” على شبات، متهما إياه بأنه “إرهابي قناص”، وهي تهمة سبق أن نفاها هو وقناة الجزيرة.

بعد وفاة شبات، أدانت قناة الجزيرة، وهي شبكة إخبارية قطرية محظورة في إسرائيل ومناطق السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، بشدة ما وصفته باغتيال مراسلها. كما دعت المجتمع الدولي إلى إدانة “القتل الممنهج للصحفيين” الذي ترتكبه إسرائيل.

“قانون الجزيرة” الإسرائيلي يعيق التغطية الإعلامية من غزة

03:36
“يجب أن ينتهي هذا الكابوس”
أدان كارلوس مارتينيز، مدير البرامج في لجنة حماية الصحفيين، هجمات 24 مارس/آذار، قائلاً في بيان: “يجب أن ينتهي هذا الكابوس في غزة”.

وتابع: “يجب على المجتمع الدولي التحرك بسرعة لضمان سلامة الصحفيين ومحاسبة إسرائيل على مقتل حسام شبات ومحمد منصور، اللذين كانا ربما مستهدفين. الصحفيون مدنيون، ومهاجمتهم في منطقة حرب أمر غير قانوني”.

ودعت لجنة حماية الصحفيين إلى إجراء تحقيق فيما إذا كان الجيش الإسرائيلي قد قتل الصحفيين عمدا. وأصدرت المنظمة غير الربحية تقريرا في فبراير/شباط يوثق ما لا يقل عن 13 حالة في غزة ولبنان استُهدف فيها صحفيون عمدا من قبل القوات الإسرائيلية، مضيفة أنها تُحقق في المزيد من حالات القتل العمد.

من جانبه رفض الجيش الإسرائيلي اتهامات لجنة حماية الصحفيين آنذاك في بيان توصلت به قناة DW، مؤكدا أنه “لم ولن يستهدف الصحفيين عمدا أبدا”. وأضاف أنه “لا يستهدف المدنيين والأهداف المدنية، بمن فيهم المؤسسات الإعلامية والصحفيين”.

وقد أدانت عدة منظمات معنية بحرية الصحافة، تصنيف الصحفيين كـ”إرهابيين” وحذرت من تداعيات ذلك على سلامتهم.

كما صرحت جودي غينسبيرغ، الرئيسة التنفيذية للجنة حماية الصحفيين، في حديثها لـ DW في نهاية يناير/كانون الثاني 2025 قائلة: “في العديد من الدول، يعمل الصحفيون كبوق للسلطة أو المعارضة السياسية، أو في بعض الحالات للجماعات المسلحة. ما لم يكونوا متورطين في تحريض مباشر على العنف أو كانوا فعليا جزءا من نشاط مسلح، فهذا يمنع جعلهم أهدافا للقتل”.

احتجّ عشرات الصحفيين حاملين شارات صحفية وصور زميليهم مراسل الجزيرة إسماعيل الغول والمصور رامي الريفي اللذين قتلا أثناء عملهما في قطاع غزة، يوم 1 أغسطس/آب 2024.احتجّ عشرات الصحفيين حاملين شارات صحفية وصور زميليهم مراسل الجزيرة إسماعيل الغول والمصور رامي الريفي اللذين قتلا أثناء عملهما في قطاع غزة، يوم 1 أغسطس/آب 2024.
يرفض الصحفيون في غزة ومنظمات حرية الصحافة بأن يصنف الصحفيون
استمرار حظر وجود الصحفيين الأجانب
يتولى الصحفيون الفلسطينيون المحليون مسؤولية تغطية الحرب لجمهور عالمي، وذلك لأن الحكومة الإسرائيلية أبقت على حظرها على دخول الصحفيين الأجانب إلى غزة، على الرغم من دعوات منظمات الإعلام وحرية الصحافة حول العالم للسماح لهم بالوصول للقطاع دون قيود.

لم تصدر المحكمة العليا الإسرائيلية بعد حكما في التماس قدمته رابطة الصحافة الأجنبية في إسرائيل والأراضي الفلسطينية للمطالبة بوصول مستقل لوسائل الإعلام الأجنبية. حتى الآن، لم يسمح الجيش الإسرائيلي إلا لبعض الصحفيين الأجانب والإسرائيليين بدخول غزة ضمن زيارات عسكرية مُدمجة، وهي زيارات تخضع لرقابة مشددة ولا تسمح للصحفيين بالتنقل بحرية أكبر.

وعلقت على ذلك غينسبيرغ بالقول: “هذا المستوى من القيود غير مسبوق على الإطلاق. بالتأكيد، عندما تتحدث إلى مراسلي حرب غطوا كل الأزمات، من الشيشان إلى السودان، فإن عدم الوصول إلى غزة يبقى أمرا غير مسبوق على الإطلاق”.

وأضافت غينسبيرغ أنه بسبب هذا، يقع كل الضغط على الصحفيين الفلسطينيين المحليين لتغطية مجريات الأحداث. و”لأنهم صحفيون محليون، تُطرح حولهم شكوك وحول ما ينشرونه أيضا، وبالإضافة إلى ذلك، قيامهم بعملهم في ظل ظروف الحرب”.

ويشار أن حركة حماس، وهي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.

أعدته للعربية: م.بالأجانب ممنوعين من دخول القطاع.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى