أقلام حرة

يُنحر الصحفيون في الميدان ثم في وسائل إعلام غربية

حُسام شاكر / باحث ومؤلف، استشاري إعلامي، كاتب ومحلل في الشؤون الأوروبية والدولية وقضايا الاجتماع والمسائل الإعلامية

يقع الاغتيال في غزة فتنطلق دعاية التبرير في أنحاء أوروبا. هكذا ينحر الصحفي الفلسطيني مرتين؛ أولاهما في الميدان والثانية في منابر إعلامية غربية تصر على المروق من مسؤولية التغطية وأمانة المهنة.
هذا ما جرى أيضا عندما نزع الاحتلال الصفة الصحفية عن المراسل الشجاع أنس الشريف، لتبرير جريمة اغتياله الجبانة مع رفاقه، فسرعان ما تبنت منابر إعلامية في بلدان أوروبية وغربية هذه الذريعة المحبوكة وصارت روايتها المعتمدة بلا تردد بشأن مجزرة الصحافة في غزة.
تنصاع أوسع صحف ألمانيا انتشارا لهذا النهج بشكل سافر، فيومية “بيلد” لا تنفك عن إخلاصها المستدام لسرديات الدعاية الإسرائيلية الملفقة، حتى إنها جعلت المراسل المثابر أنس الشريف “إرهابيا مموها كصحفي”!، كما أوردت في عنوانها.
بدت الحالة صادمة لدى تناقل عنوان “بيلد” التحريضي حول العالم بعد ساعات معدودة من إقدام جيش الاحتلال على قصف خيمة صحفيي “الجزيرة” في ساحة مجمع الشفاء الطبي بغزة 10 أغسطس/ آب
تجسد “بيلد” نموذجا نمطيا لتقاليد الدعاية الرخيصة في خدمة الاحتلال الإسرائيلي، فالصحيفة الأوسع انتشارا في ألمانيا تصطف في صدارة أبواق الدعاية الإسرائيلية في أوروبا والعالم الغربي، التي تمنح الانطباع بأنها تخدم كحرس إبادة إعلامي مخصص لتجميل جرائم الحرب وتسويغ التمادي بها حتى عندما يسرف الاحتلال في الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والتدمير الشامل والتجويع الرهيب، فضلا عن اغتيال الصحفيين الفلسطينيين بلا هوادة.
تتبع الصحيفة دار نشر “آكسل شبرنغر” العملاقة التي تلزم الصحفيين المتعاقدين مع الصحف والوسائط التابعة لها بالانحياز الأعمى إلى الجانب الإسرائيلي.
لا عجب أن يأتي هجوم “بيلد” التحريضي السافر على شهيد الصحافة العالمية أنس الشريف، فهو جزء من حملتها المحمومة، المدفوعة إسرائيليا، ضد من يحاولون نقل واقع الإبادة الجماعية والتجويع الرهيب إلى العالم.
لم تبتعد منصات الانحياز الأوروبية المتعددة عن حبكة دعاية الاحتلال، كما فعلت مثلا صحيفة “إل جورناله” الإيطالية اليمينية التي أبرزت في عنوان تقريرها الثلاثاء 12 أغسطس/آب اتهام الاحتلال التحريضي ضد أنس الشريف بأنه “إرهابي”، وطمست جريمة الاغتيال الجماعي في ظلال ذلك، بل أوردت الصحيفة تقريرا رديفا ذهب عنوانه إلى حد نعت الشريف بأنه “صوت السنوار”!
على أن صحفا أخرى لم تنزلق إلى دركات التحريض، ومنها قليل معروف أساسا بتعاطفه مع قضية الشعب الفلسطيني، مثل “إل مانيفيستو” اليسارية التي أبرزت على صدارتها الثلاثاء 12 أغسطس/ آب، مشهد تشييع المراسلين المغدورين وتناولت الحصيلة القياسية التي بلغها منسوب قتل الصحفيين الفلسطينيين في قطاع غزة على أيدي جيش الاحتلال، وكذلك فعلت “لومانيتي” الفرنسية اليسارية أيضا.
حرس الإبادة والتجويع
إن ما أقدمت عليه “بيلد”، التي لها في الواقع الصحفي في أوروبا والدول الغربية أقران وأشباه، يبقى سلوكا نمطيا تعتمده لتبرير جرائم الاحتلال جميعا وقطع حبال التعاطف المحتمل مع الإنسان الفلسطيني وإن قتل على مدار الساعة تحت الأسماع والأبصار.
فعنوان “بيلد” التحريضي ضد أنس الشريف يبدو للوهلة الأولى صادما ومستفزا؛ لكنه لا يشكل أي مفاجئة للعارفين بالصحيفة الهابطة التي تثير الشفقة على جذوع الأشجار الغابية التي تقتطع لنشر الهراء الذي تطبعه كل يوم بالألوان.
فصحيفة الرصيف الألمانية الرائجة لم تنفك عن دعم الاحتلال الإسرائيلي منذ البدء، مثل عموم إصدارات دار “آكسل شبرنغر”، وسرعان ما تجندت في خندق جيش الاحتلال منذ انطلاق حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والتدمير الشامل في قطاع غزة.
أملى عليها دورها هذا أن تتدخل في الأسابيع الأخيرة لتشن حملة ضارية لا هوادة فيها لطمس جريمة التجويع الوحشية التي يواكبها العالم أجمع من قطاع غزة عبر حيلة التشكيك في مصداقية الصور، تأسيسا على فحوى الدعاية الرسمية الإسرائيلية في هذا الشأن.
كثفت “بيلد” مؤخرا تقاريرها المحبوكة لغرض تضليل الجمهور وتشكيكه في حقيقة ما ترويه المشاهد الفاجعة المحمولة من غزة عن حشود الأطفال المجوعين، وموجز رسالة الصحيفة هي، عليكم أن تفهموها: لا مجاعة في غزة! صورها مفتعلة! هذه دعاية مصطنعة من “حماس”!.
من أغراض هذه الحملة أن تضع كل وسائل الإعلام المحترمة التي تنقل المشاهد الإنسانية المروعة من غزة في موضع اتهام بالضلوع في ترويج “دعاية” فلسطينية، طبعا مع إغفال تقارير الأمم المتحدة ووكالاتها الإنسانية والهيئات الحقوقية المرموقة وحتى تقارير منظمات إسرائيلية مثل “بتسيلم”، فضلا عن تصريحات أعضاء حكومة الاحتلال وقادة الجيش وكبار الضباط التي تصرح باعتماد سياسة تجويع شنعاء.
عمدت الصحيفة المذكورة في سياق حملة إنكار التجويع إلى ضخ عناوين متلاحقة، من قبيل: “ثماني حقائق عن جوع غزة لا يريد أن يسمعها أحد” (31 يوليو/تموز)، “أزمة الجوع في غزة: كيف استُغل هذا الطفل لأجل الدعاية” (31 يوليو/تموز)، “أسامة استعمل لأجل الدعاية: حالته ليست ذات صلة بالوضع في غزة” (1 أغسطس/آب)، “صور غزة الملفقة: هذا المصور افتعل دعاية حماس” (5 أغسطس/آب)، وغير ذلك كثير على المنوال ذاته.
كي لا يذرَف دمع على الفلسطيني
ما إن ذرفت أمهات ألمانيا وأوروبا والعالم الدمع على أطفال غزة الذين تتضاءل أبدانهم النحيلة وتبرز عظامهم من تحت الجلد؛ حتى تجندت “بيلد” فورا في جبهة التضليل الأمامية كأنها ناطقة باسم جيش الاحتلال أو كمكتب إعلامي يتبع سموتريتش وبن غفير.
تركز حبكة “بيلد” وأشباهها على تشكيك الجمهور بمصداقية الصور والمقاطع المحمولة من الميدان الغزي كل يوم، عبر حيلة استهداف صور محددة تصدرت الأغلفة وحظيت بالرواج، وتلفيق سردية ساذجة تشكك بمصداقيتها.
مما يبتغيه هذا النهج الدعائي المستهلَك أن يردع وسائل الإعلام عن إبراز صور الأطفال المجوعين حتى الموت في غزة، عبر شن حملة استهداف محبوكة لهذا الغرض، كما جرى ضد “نيويورك تايمز” و”واشنطن بوست” و”الغارديان” و”ديلي ميل” و”تايمز”، علاوة على “سي إن إن” و”بي بي سي”.
هكذا أنشبت “بيلد” يوم 31 يوليو/تموز أظفارها في مجلة “شتيرن” الألمانية الرصينة المصورة، لمجرد أنها خصصت غلافها لأم فلسطينية مع طفلها المجوع حتى الموت بين ذراعيها، فردّت “شتيرن” سريعا بمرافعة تفصيلية للدفاع عن موقفها دون أن تكف “بيلد” عن انهماكها في حملة التشكيك بالصور المنقولة من الميدان.
هكذا تسعى منظومة التضليل إلى صرف الانشغال العام بعيدا عن جوهر الموضوع ليصير جدلا إعلاميا منهكا بشأن مواصفات الصور ومصادرها لا بشأن الواقع الفظيع المشهود فيها، ولتعطيل حس الانفعال الوجداني مع واقع غزة المرئي للعالم في غمرة جدل “مهني” مفتعل بشأن مواصفات الصورة بعيدا عن الواقع الذي التقطت فيه.
يمثل التشكيك بالصور التي تنجح بالرواج حيلة تقليدية تلجأ إليها دعاية الاحتلال وأذرعها، بما فيها “بيلد” الألمانية، كما جرى في محطات عدة من قبل، مثل إقدام جيش الاحتلال على قتل الطفل محمد الدرة وهو في حضن والده عند مفرق الشهداء في قطاع غزة في نهاية سبتمبر/ أيلول 2000. حضرت الكاميرا حينها ونقلت المشهد المروع إلى العالم، فانهمكت دعاية الاحتلال سنين عددا في نسج حبكات مضللة للتشكيك في الواقعة المرئية وتفاصيلها وأشخاصها.
لا يتوقف الأمر عند حدود تضليل “بيلد” المتواطئ مع دعاية الاحتلال، فالصحيفة الأوسع انتشارا في ألمانيا تحظى منذ سنوات مديدة بعرى وثقى مع نتنياهو ومقربيه وأركان حكومته، بمن في ذلك زوجه المتنفذة سارة التي خصصت لها الصحيفة مقابلة رحبة لتلميعها سنة 2012 تحت عنوان “كم هو صعب أن تكوني سيدة أولى في إسرائيل!”.
تتسم مقابلات “بيلد” المتكررة مع نتنياهو شخصيا بالطابع الودي بعيدا عن أي نقد مهني أو مساءلة جادة، وكذلك في المقابلات مع مقربيه مثل وزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر، ومستشار الأمن القومي تساحي هنغبي ووزير حربه يسرائيل كاتس. تمنح قيادة الاحتلال وجوقة الإبادة الجماعية صحيفة “بيلد” أفضلية خاصة لإجراء المقابلات معها لا تحظى بها وسائل إعلام ألمانية وأوروبية أخرى.
وفي سبتمبر/أيلول 2024 اختار فريق نتنياهو الدعائي صحيفة “بيلد” تحديدا لنشر وثائق سرية مزعومة لتعزيز موقف رئيس الحكومة في مواجهة النقد الداخلي المتصاعد؛ بسبب رفضه إبرام صفقة لإخراج الأسرى من قطاع غزة، خاصة بعد تورط جيش الاحتلال في مقتل ستة من الأسرى.
تسبب الحدث بفضيحة سياسية وإعلامية في الدوائر الإسرائيلية بعد أن تكشفت ذيوله وأغراضه الدعائية الخاصة بنتنياهو، لكن بالطبع ليس في الجمهورية الاتحادية التي تحرص على إظهار إخلاصها المستدام نحو الجانب الإسرائيلي حتى عندما يطلق المستشار فريدريش ميرتس انتقادات خجولة لفظائع التجويع في غزة.
تتجند الصحيفة الهابطة في حملة إنكار التجويع الوحشي، وتشن في الوقت ذاته هجومها التحريضي على الصحفيين الفلسطينيين الذين ينقلون الواقع إلى العالم، كما فعلت مع أنس الشريف بعد جريمة اغتياله مع رفاق الخيمة الصحفية.
أما طريقتها هي في التغطية من الميدان الغزي فتتضح في تقرير نشرته يوم 6 أغسطس/آب بقلم اثنين من مراسليها جرى استحضارهما للتحليق الاستعراضي في طائرة تتبع سلاح الجو الألماني لإلقاء “مساعدات” مزعومة على قطاع غزة.
ينشغل الصحفيان في التقرير في وصف محتوى الصناديق ومشهد الطائرة وأجواء الرحلة في الصيف الحار؛ دون التفاتة إلى الواقع الإنساني على الأرض. ثم يصفان مشهد قطاع غزة بأنه “صحراء أنقاض”، وأنه جرى إلقاء مساعدات على “جحيم حماس”، ويأتي السؤال: “هل ستهبط لدى الأهالي المدنيين أم في أيدي إرهابيي حماس؟ نحن لا نعلم ذلك”.
قدم الصحفيان تقريرا دعائيا للترويج المبالغ به لما تقدمه ألمانيا للفلسطينيين الذين يبيدهم حليفها الإسرائيلي في غزة، والتقرير موجه في الوقت ذاته لإعفاء الاحتلال الإسرائيلي وجيشه من أي مسؤولية عن مشهد الدمار الشامل الذي أحدثه في قطاع غزة، فيأتي تعليقا على صورة التقطاها: “أنقاض غزة من الجو. حماس تضحي بسكانها المدنيين من خلال إقامة مرافق عسكرية بصفة مقصودة تحت المباني السكنية”. إنها التغطيات الملائمة تماما لتبرير فظائع الحاضر والماضي مهما بلغت من الأهوال.
انحياز متعدد الأنماط
يأخذ الانحياز إلى دعاية الاحتلال أنماطا متعددة في وسائل الإعلام الأوروبية والغربية. تمثل صحيفة “بليك” نسخة سويسرية من نماذج صحف الرصيف الأوروبية التي تندرج “بيلد” الألمانية و”صن” البريطانية وغيرها ضمنها.
فعلى سبيل المثال؛ نشرت “بليك” 26 أكتوبر/تشرين الأول 2023 تقريرا عن جريمة استهداف أسرة مراسل “الجزيرة” الأبرز في غزة، وائل الدحدوح، وكيف تلقى النبأ الصادم خلال حديثه عبر البث المباشر.
حظيت الواقعة باهتمام إعلامي عالمي حينها، على أن تقرير “بليك” رغم تناوله الموضوع بصفة لا تبدو ضالعة في الانحياز تورط في طمس ضلوع جيش الاحتلال في عملية القتل الجماعي التي استهدفت أسرة الصحفي الفلسطيني المرموق.
اكتفت الصحيفة في العنوان بالإشارة إلى “مقتلهم في انفجار”، وأسقطت الإشارة إلى الضلوع الإسرائيلي في الجريمة، وهكذا فعلت في متن التقرير حتى منتصفه، ثم اضطرت إلى أن تنقل عن الدحدوح تسديده ما سمتها الصحيفة: “اتهامات جسيمة ضد الجيش الإسرائيلي”. ما إن أتت “بليك” في هذا السياق على ذكر إسرائيل حتى شككت في ذلك بالقول: “حسب “سي إن إن” ليس من الممكن بعد التأكيد المستقل بأن الانفجار وقع عبر هجوم إسرائيلي”!.
هكذا تتذاكى بعض التغطيات المنحازة في محاولة عزل الفعل الجسيم عن الفاعل الإسرائيلي، فالفلسطيني عندها “يموت” غالبا ولا يقتل، وهو إن قُتل تثير الشك بشأن ملابسات مقتله، فالأمر حينها “لم يتضح بعد بصفة مستقلة”، أو يبقى “بانتظار التحقيقات”، أو أن “الروايات متضاربة”، وقد يعد الفلسطيني ضحية ذاته ببساطة حسب نزعة لوم الضحية التي تمسك بخطام تقاليد تحريرية تهيمن على بعض وسائل الإعلام الأوروبية والغربية.
على أن الواقع الذي يصنعه الاحتلال الإسرائيلي على الأرض كل يوم يتجاوز قدرة أعتى منظومة دعائية على مواصلة كنسه تحت البساط الذي غطى وفرة من جرائم الحرب والانتهاكات الجسيمة المتستر عليها إعلاميا.
ففي النهاية؛ فرضت مأساة أسرة وائل الدحدوح ذاتها على الصحافة العالمية بعد أن تكررت جرائم الاحتلال السافرة ضد أفرادها، وبعد أن أصيب هو أيضا باستهدافه مع مرافقيه المهنيين في ميدان التغطية.
صار وائل رمزا عالميا لا نظير له في حقل الصحافة، وباشرت وسائل إعلام أوروبية وغربية إجراء مقابلات معه، كما فعلت “دير شبيغل” الألمانية الجادة فبراير/شباط 2025 مثلا، وتتناقل تقارير صحفية منشورة عنه بلغات الأرض نموذجه الإنساني والمهني الملهم في احتمال كل هذه الأهوال كما يشي بذلك وصفه بـ”الجبل” الذي عرف به ونقل في بعض التقارير كما هو عن العربية: Al Jabal حسب ما ورد مثلا في تقرير لصحيفة “تاغز أنتسايغر” السويسرية (11 يناير/كانون الثاني 2024).
أما بالنسبة لصحيفة “بيلد” وأشباهها الأوروبية والغربية فإن نهجها المعهود في التقيد بتوجيهات مطبخ الدعاية الإسرائيلي يتواصل بلا تلكؤ وإن بلغت الإبادة الرهيبة مبلغها، فما ينطق به متحدث “تساهال” (جيش الاحتلال) عن أنس الشريف سيتصدر ما تقدمه هذه الأبواق الدعائية الناطقة بالألمانية وغيرها تلقائيا، مع إضفاء مزيد من الإثارة على العناوين والصور المنتقاة، فيصير الصحفي الشجاع الذي لم يَغب عن ميدان التغطية تحت القصف قرابة سنتين، مجرد “إرهابي مموه كصحفي”!.
وإذ تتعدد حبكات التلفيق والاستغفال والتشويش والتضليل في خدمة دعاية الاحتلال وأذرعها المرتبطة بها تحت عناوين صحفية وإعلامية وشبكية؛ فإن ما يبقى أكثرها وطأة هي حيلة السكوت والتعامي والحد من منسوب الاهتمام.
ذلك أن تقاليد التجاهل المستشرية لا تكترث بفواجع مرئية إن لم يكن ضحاياها من أصناف مخصوصة من البشر أو إن كان مقترفوها من طبقة معينة توضع فوق الشرائع والمواثيق.
هكذا يبدو مفهوما ألا تجد وسائل إعلامية ومنابر صحفية وتعليقات سياسية ومنتديات ثقافية وفنية وأدبية في كل هذه المجزرة المتواصلة بحق الصحفيين الفلسطينيين، وبحق شعبهم بالأحرى؛ ما يستحق الاكتراث أو يقتضي الالتفات، فتدفَن قصص مميزة ينضح بها الواقع كي لا تجد سبيلها إلى التغطيات، أو تنزوي الوقائع الرهيبة إلى الهوامش والثنايا فتوحي بأنها لا تستحق انشغال الناس بها.
وقد تأتي فوق ذلك مشفوعة بأحابيل التشكيك ولوم الضحايا الذين تسفَك دماؤهم وتزهَق أرواح من قد يجترئ على نقل صورتهم إلى العالم من ميدان الإبادة؛ كما فُعل بأنس الشريف، ومحمد قريقع، ومئات آخرين من فرسان الحقيقة في قطاع غزة وفلسطين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى