أصدر المركز الفلسطيني للدراسات السياسية والتنموية ورقة بحثية مهمة بعنوان: “التغطية العالمية للتجويع في غزة: بين الإعلام الرقمي وصناعة الرأي العام”، تناولت فيها الأزمة الإنسانية الحادة التي يعيشها سكان القطاع نتيجة الحصار المستمر وتصعيد الحرب الإسرائيلية، والتي تهدد مئات آلاف المواطنين بالمجاعة، بينهم الأطفال والنساء وكبار السن.
وأكدت الورقة أن الإعلام أصبح أداة محورية في كشف المعاناة، وتحريك الرأي العام العالمي، وتعزيز الاستجابة الإنسانية، مشيرة إلى أن توثيق الأزمة عبر الوسائل الرقمية والتقليدية ساهم في فضح سياسات التجويع وتحفيز التدخل الدولي.
*دور الإعلام في الأزمات الإنسانية*
واستعرضت الورقة الدور الإيجابي للإعلام، بما في ذلك نقل المشاهد الإنسانية للمواطنين الفلسطينيين، ومكافحة التضليل الإعلامي، وتحفيز الدعم الدولي. وفي المقابل، أبرزت الورقة بعض الممارسات السلبية للإعلام مثل الانحياز أو نشر معلومات غير دقيقة واستغلال معاناة الضحايا.
*الثورة الإعلامية الرقمية وتأثيرها العالمي*
ووضعت الدراسة الضوء على الدور المتنامي للمنصات الرقمية مثل “إكس”، “إنستغرام”، و”تيك توك”، التي مكنت الصحفيين المواطنين من نقل لقطات حية من الميدان، ما أثار صدمة عالمية وحراكًا تضامنيًا سريعًا. لكنها حذرت من التحديات التي تواجه الإعلام الرقمي، مثل صعوبة التحقق من المعلومات وحجب المحتوى المؤيد للفلسطينيين.
كما تناولت الورقة الإعلام التقليدي ودوره في صياغة الأطر السردية للأزمة، مشيرة إلى أن بعض وسائل الإعلام الكبرى تميل إلى تبني سرديات تقلل من حجم الكارثة الإنسانية، بينما يعكس الإعلام الرقمي الواقع المباشر لمعاناة المواطنين.
*التظاهرات الشعبية ودور المؤسسات الدولية*
وأكدت الورقة على أن التظاهرات العالمية والضغط الشعبي من خلال البرلمانات والمؤسسات الدولية لعبت دورًا أساسيًا في زيادة المساعدات وتحويل الانتباه العالمي إلى سياسات ملموسة لإنقاذ الأرواح، مع التركيز على فضح التجويع كأداة حرب وفرض التزامات قانونية على الأطراف المتحاربة.
*التحديات والمعوقات*
وأشارت الدراسة إلى أن الإعلام يواجه صعوبات كبيرة، أبرزها قيود الوصول إلى غزة، استهداف الصحفيين، الرقابة على المحتوى، وصعوبات إيصال المساعدات الإنسانية، ما يحد من قدرته على توثيق الأزمة بشكل كامل وفعال.
*توصيات الورقة*
قدمت الورقة سلسلة توصيات عملية لتعظيم أثر الإعلام والمجتمع المدني، تشمل:
توثيق مباشر ومستمر للمحنة الإنسانية عبر الإعلام الرقمي، مع احترام الخصوصية والمعايير الأخلاقية.
صياغة سرد إعلامي واضح ودقيق في الإعلام التقليدي، مع تكامل المحتوى العاطفي والتحليلي.
تعبئة دولية منسقة وتنظيم حملات احتجاجية عالمية مرتبطة بالتغطية الإعلامية.
تعزيز فعالية وكفاءة المؤسسات الدولية والبرلمانات في ضمان وصول المساعدات وحماية المواطنين.
واختتمت الورقة بالتأكيد على أن التكامل بين الإعلام الرقمي والتقليدي، جنبًا إلى جنب مع جهود المجتمع المدني، يشكل منظومة متكاملة لمواجهة الأزمة الإنسانية في غزة وضمان استجابة دولية عاجلة.