أخر الأخبار

الصحفي الظاهر يروي لـ”صفا” تجربة اعتقاله 35 يومًا لدى “الوقائي”

واجهوه بقضايا قديمة ومنتهية

“نريدك نصف ساعة”.. الصحفي الظاهر يروي لـ”صفا” تجربة اعتقاله 35 يومًا لدى “الوقائي”

 

نابلس – خاص صفا

بعد 35 يوما من الاعتقال لدى جهاز الأمن الوقائي بمدينة نابلس شمالي الضفة الغربية المحتلة، حصل الصحفي عبد الرحمن الظاهر على قرار قضائي بإخلاء سبيله بكفالة، لكنه بحاجة لمزيد من الوقت ليبرأ من الآثار الصحية والمعنوية التي أصابته.

الظاهر، وهو صحفي ومخرج وفنان، يعمل مديرًا للإنتاج الخارجي بفضائية النجاح ومركز الإعلام التابعين لجامعة النجاح بنابلس، اعتقل في السابع عشر من أغسطس الماضي، بدعوى “الذم الواقع على السلطة”.

وفي حديثه لوكالة “صفا” عقب الإفراج عنه، اعتبر الظاهر أن السجن على قضايا الرأي والتعبير فيه قهر للإنسان، وهو تجاوز أخلاقي وإنساني وقانوني.

وتحدث عن ملابسات اعتقاله، مبينًا أن ثلاثة من أفراد الأمن الوقائي بلباس مدني كانوا ينتظرونه لدى خروجه من مكان عمله، وقاموا باقتياده.

وقال: “طلبوا مني مرافقتهم إلى مقر الوقائي للحديث معي لمدة نصف ساعة فقط، وعندما وصلت المقر تفاجأت بأنني قيد الاحتجاز”.

ولفت إلى أن عائلته لم تعلم بأمر اعتقاله إلا بعد مرور 3 أيام، عندما تم إحضاره بعد منتصف الليل، لتفتيش بيته وصادروا الأجهزة الإلكترونية.

وأضاف “طوال هذه الفترة كانت عائلتي تفتش عني وتحاول معرفة مصيري، وعندما كانت تتواصل مع مركز الإعلام كان الزملاء هناك يبلغونهم أنني غادرت المركز كالمعتاد”.

وتابع “حاولت خلال الأيام الأولى الاتصال بزوجتي لطمأنتها، وطلبت الاتصال بمحام لتوكيله، لكنهم لم يسمحوا لي”.

ظروف صعبة

وأكد أن اليوم الأول مضى دون أن يوجه له أي سؤال، ووضع في زنزانة بظروف صعبة، وكان ينام على البلاط بلا فراش، وهو ما تسبب بإصابته بنوبة ضيق تنفس، ما استدعى نقله إلى الخدمات الطبية العسكرية.

وهناك جرى تحويله للطوارئ بالمستشفى الوطني، وأجريت له بعض الفحوصات وصور الأشعة، وتبين إصابته بالتهاب رئوي حاد، وأوصى الأطباء ببقائه لليلة في المستشفى، لكن هذا لم يحصل.

وقال: “نقلت من المستشفى إلى زنازين سجن الجنيد، ومكثت هناك قرابة 10 أيام وكنت أتلقى الدواء”.

وأشار إلى أنه أمضى نحو 25 يوما في العزل الانفرادي قبل أن يحضر سجين آخر، وكانت الزنزانة بوضعٍ مزرٍ من حيث سوء النظافة والضغط والحرارة العالية، وهو ما أثر على استجابته للعلاج، وتسبب بإصابته بنوبات ضيق تنفس.

وأكد أنه لم يعرض على الطبيب إلا مرة واحدة، وكانت بعدما أصيب بنزيف بالأنف، وأبلغهم الطبيب بضرورة عرضه على لجنة طبية، لكنهم لم يفعلوا، وكانوا يكتفون بإعطائه الحبوب المسكنة.

نبش بالماضي

ويبدو من طبيعة التحقيق وما احتواه من قضايا قديمة مغلقة ومنتهية منذ سنوات، أن هدف الاعتقال ليس الحصول على معلومة أو اعتراف ما، بقدر معاقبته على التعبير عن رأيه وانتقاداته المتكررة للسلطة.

وقال: “في آخر جلسة تحقيق لدى النيابة سألتهم: لماذا تعيدون فتح ملف مغلق منذ سنوات، ويتم توقيفي كل هذه المدة مع أن التحقيق معي انتهى في أول 10 أيام؟ لكني لم أحصل على إجابة كافية وشافية”.

وذكر أن هذه القضايا جرى استجوابه حولها عند عودته لفلسطين قبل عامين، ولا يعلم على وجه الدقة سبب نبشها في هذا الوقت.

وعاد الظاهر في العام 2018 بعد رحلة عمل لمدة قرابة 5 سنوات في لبنان والأردن، وعند وصوله لمعبر الكرامة تم تحويله للنائب العام الذي استجوبه وأغلق الملف لكونه قديما وليس فيه ما يدينه بمخالفة القانون.

وقال: “خضعت حينها لسبع جلسات استجواب لدى المخابرات العامة، ثم أغلق الملف، وسافرت بعدها وعدت ولم أتعرض للتحقيق”.

محاور التحقيق

وأصيب الظاهر بالدهشة أثناء أول جلسة تحقيق لدى النيابة، عندما وجهوا له سؤالا: ماذا تعني لك حرية الرأي والتعبير؟ في حين أن كل القضايا التي جرى التحقيق معه حولها تتعلق بحرية الرأي والتعبير.

وتركز التحقيق حول برامج تلفزيونية ناقدة للسلطة، والسؤال عمن يمولها، وما إذا كان هناك جهات خارجية تمولها، ومن يؤلف وينتج هذه البرامج، واتجاهات الفضائيات التي عمل معها، وعن طبيعة عمله بالخارج.

وأشار إلى أن “الأمن فتح الأجهزة الإلكترونية الخاصة بي، وفتشها ووجد أن كل ما فيها مطابق لما ذكرته بالتحقيق”.

وشدد الظاهر على أن جميع ما يقوم بإنتاجه يقع تحت مظلة القانون حتى وإن تضمن انتقادا حادا أحيانا، وهناك مستشار قانوني يدقق بكل حلقة لتفادي الوقوع بأي مخالفة قانونية.

وقال: “أحيانا يساء تفسير بعض الانتقادات، ويعتبرها البعض أنها تجاوزت القانون، مستغلا التفسير المطاط للقانون”.

وأكد أن هذا الاعتقال لن يثنيه عن إكمال رسالته الإعلامية، ولن يدفعه للتراجع عن واجبه المهني.

وأضاف: “سئلت ماذا سيكون توجهي بعد الإفراج عني، فقلت لهم: دخلت عبد الرحمن وسأخرج وأنا عبد الرحمن، وسأمارس عملي الإعلامي بنفس النهج وتحت مظلة القانون، سواء أعجب ذلك البعض أم لا”.

تجربة قاسية

وأكد الظاهر أنه لم يتعرض للتعذيب الجسدي أو الإهانات اللفظية، لكنها كانت تجربة قاسية حيث أمضى بالعزل الانفرادي فترة طويلة، وجرى تمديد اعتقاله بدون مبرر بعد انتهاء التحقيق.

وقال: “أصعب ما في هذه التجربة هو الشعور بالظلم والقهر بسبب سجني بدون أي مبرر أمني أو قانوني على موضوع لا يستحق التوقيف لساعة واحدة”.

وأضاف “كنت أعد الأيام، ومع مرور كل يوم بالاعتقال كان مستقبلي المهني يتضرر”.

وأوضح أنهم كانوا يتعمدون التحقيق معه لدى النيابة قبل موعد جلسة المحكمة، لإقناع القاضي بالاستجابة لطلب التمديد.

وأضاف “تم تمديد اعتقالي 15 يوما لم أتعرض خلالها للتحقيق إلا قبل الجلسة التالية”.

وأشار إلى أنه لم يتمكن من توكيل المحامي، وإنما بادر المحامي من تلقاء نفسه لأخذ توكيله مستغلا فترة وجوده بالمحكمة، ولم يتمكن من زيارته إلا قبل الإفراج بيوم واحد بقرار من القاضي، كما لم يحصل على نسخة من ملف التحقيق.

بين التضامن والغياب

واستغرب الظاهر إنكار نقابة الصحفيين أنه يحمل بطاقتها، لتبرير تقاعسها عن متابعة قضيته.

وأشار إلى أن نقيب المهندسين زاره بصفته عضو بالنقابة، وتواصل مع القضاء والنيابة، وتابع قضيته حتى النهاية.

وعبر الظاهر عن شعوره بالامتنان والارتياح لكل المواقف المتضامنة معه، رغم أنه لم يكن على اطّلاع على ما يجري من تضامن، لكونه معزولا عن العالم.

وقال: “بعد الإفراج اطلعت على ما قام به زملاء وشخصيات حقوقية ونقابية خلال اعتقالي، وشعرت بالامتنان لهم ولكل من وقف معي، وتيقنت أن البلد بخير وأن نسيجنا الاجتماعي لا زال قويًا”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى