محمد إسماعيل ياسين
كاتب صحفي
يطوي الأسير الفلسطيني ماهر الأخرس اليوم الثلاثاء الثالث من نوفمبر 2020 يومه المائة بالإضراب المفتوح عن الطعام، فيما يخرس العالم الظالم عن معاناته، ويغض الطرف عن جريمة الاعتقال الإداري التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين دون أدنى رادع أو اعتبار للقوانين والمبادئ الدولية والإنسانية، متجاوزاً كعادته قيم العدالة والإنسانية، ومستفرداً بأمعاء خاوية لأسير يكاد يلفظ أنفاسه الأخيرة أمام مرأى ومسمع العالم المتشدق بشعارات حقوق الإنسان فيما واقع الحال أنه يتلذذ بمعاناة الأسير بسادية مفرطة عز نظيرها.
لكن قبل أن نلوم العالم الصامت علينا أن نصارح أنفسنا، ونجيب على السؤال: ماذا فعل كل منا لنصرة الأسير ماهر الأخرس ؟!، وهل ما نبذله كاف لنصرته؟، وكيف يمكن تجاوز أي قصور هنا أو هناك في جانب إثارة قضيته عبر الإعلام كسلاح هام وفعال في معركة الإضراب عن الطعام؟!، أم أننا ننتظر نبأ استشهاده كي نبرزه كمانشيت في الصحف، وعنوان رئيس بصدارة المواقع والوكالات الإخبارية، وكخبر أول بنشرات القنوات والإذاعات، ثم نطوي الملف؟!، ويا دار م دخلك شر!، وكأن لسان الحال موت الأسير أهم من حياته!.
إن نظرة سريعة على أبرز وسائل الإعلام المحلية إجمالاً تجيب على السؤال السابق، وهنا، لا ننكر وجود تغطية في وسائل الإعلام لقضية الأسير ماهر الأخرس، بل نزعم أن التغطية دون المستوى المطلوب، ولا ترتقي لحجم الصمود الأسطوري الذي يسطره الأسير بأمعائه الخاوية منذ 100 يوم، هذا دون الدخول بتفاصيل التغطية وأنواعها، إذ إن بعض التغطيات تكاد تكون من “باب رفع العتب”، مكتفية ببيان هنا أو آخر هناك، والأصل أن تكون التغطية والاهتمام والإبراز متناسب طردياً مع مدة الإضراب الطويل عن الطعام وخطورة الوضع الصحي للأسير.
ومن نافلة القول: إن للإعلام دور هام ومؤثر في تجنيد وتحريك الجماهير وفق الأجندة الوطنية، وكلما زادت التغطية الإعلامية وتنوعت وتكثفت كلما تفاعلت الجماهير مع القضايا المطروحة، والشواهد على ذلك كثيرة، ولعل أكثرها حضوراً في الوقت الراهن، التغطية المكثفة لتفشي وباء كورونا في قطاع غزة، لاسيما في الفترة الأولى وأثر ذلك على سلوك المواطنين إجمالاً كاستجابة لجرعات التوعية دون الحاجة للإشارة لوجود تراخ هنا وآخر هناك كأمر طبيعي وتعذر الالتزام الكامل إجمالاً.
لقد تحول الأسير البطل ماهر الأخرس بإضرابه الأسطوري عن الطعام أيقونة نضال فلسطينية جديدة، ويجدر أن يتردد صداها في أرجاء العالم، وهنا تتجدد الصرخة بضرورة اضطلاع السفارات والجاليات الفلسطينية بدور فعال تجاه مجمل القضايا الوطنية وفي مقدمتها قضية الأسرى البواسل، وإيصال الرسالة والرواية الوطنية بمختلف اللغات لكل المحافل الدولية، وعدم إتاحة المجال أمام الاحتلال الإسرائيلي للاستفراد بالأسرى إجمالاً وبأبناء شعبنا عبر مواصلة جريمة الاعتقال الإداري.
إن أبسط المطلوب من وسائل الإعلام المختلفة أن تواصل تسليط الضوء على قضية الأسير ماهر الأخرس، بحيث لا يغيب عن واجهة الصحف والمواقع والقنوات والإذاعات المختلفة، ومنح قضيته الصدارة والأهمية الكافية والمتناسبة مع مدة الإضراب الأسطوري وخطورة وضعه الصحي، فلعلنا نشارك جميعاً بانتصاره على سجانه وتحقيق إرادته برفض الاعتقال الإداري، وإن لم ننجح بذلك، فننال شرف المحاولة على الأقل.