استشهاد صحفية قناة الجزيرة الفضائية الزميلة شيرين أبو عاقلة جاء كدليل جديد على ان الصحفيين الفلسطينيين يدخلون ضمن بنك الأهداف الصهيوني وانهم دائما في دائرة الاستهداف والقتل, ثمانية وأربعين صحفيا او يزيد استشهدوا برصاص جنود الاحتلال الصهيوني منذ العام 2000م, ورغم تعدد وتنوع وتكرار جرائم القتل المتعمد للصحفيين الفلسطينيين اثناء تغطية الاحداث, الا ان المجتمع الدولي ومؤسساته الحقوقية والإنسانية يغضون الطرف عن جرائم الاحتلال ويراهنون على الوقت لطمس معالم الجريمة, وكل الاستنكار والشجب الذي يحدث سرعان ما ينتهي بانتهاء الحدث فتطمس الجريمة وتختفي معالمها, فمن ينسى جريمة اغتيال الطفل محمد الدرة التي رصدتها الكاميرا, ومن ينسى جريمة اغتيال اسرة الطفلة هدى غالية وهى تستجم على شاطئ بحر غزة والتي وثقتها الكاميرا ايضا, من ينسى جريمة قتل المتضامنة الامريكية راشيل كوري التي دفنتها جرافات الاحتلال الصهيوني وهى حية, من ينسى الاف الجرائم التي ارتكبها الاحتلال الصهيوني, ايكم يدلني على جريمة تم محاسبة الاحتلال الصهيوني عليها, او ايكم يدلني على مساءلة تعرض لها مسؤول صهيوني على جريمة ارتكبها بحق الفلسطينيين, انه المجتمع الدولي بمؤسساته الحقوقية والإنسانية, والذي لا يرى الا بعين “إسرائيل” وهو محكوم من قوى الشر والطغيان في العالم, وتقوده دول “عظمى” فتحدد له مساراته, وتوجهه حيث تشاء, فتتحول الجريمة الى مجرد “حادثة” مجهولة المصدر, وتسود سياسة التشكيك المقصودة, وتدخل الجريمة في دائرة الجدال والاتهامات المتبادلة, ويتم تشكيل لجنة, فتضيع كل معالم الجريمة وتنتهي الى لا شيء.
من تستر على جريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي, ومن تستر على جريمة قتل الناشط السياسي نزار بنات, ومن تستر على جريمة اغتيال نحو 48 صحفيا فلسطينيا على يد الاحتلال الصهيوني, هو الذي سيتستر على جريمة اغتيال الزميلة الصحفية شيرين أبو عاقلة, “إسرائيل” استمرأت استهداف الصحفيين واستسهلت قتلهم وهى ماضية في هذا المسلسل الاجرامي ولن يوقفها احد, دوافعها لقتل الصحفيين هو محاولة إخفاء الصورة, والتعمية على عين الحقيقة, وكسر عدسات الكاميرا التي ترصد جرائم الاحتلال, الاحتلال الصهيوني كان عازم على اجتياح جنين وارتكاب مجازر بحق سكانها, القناة 12 العبرية قالت :” إن ما يُعرف بـالمجلس الأمني المصغر لحكومة الاحتلال “الكابينت” اتخذ قرار باجتياح بري واسع لمنطقة جنين”, المراسل العسكري للقناة 12 العبرية نير دفوري قال :”هناك توجه لدى الجيش لعملية عسكرية شاملة ضد جنين، بينما تشكلت معارضة ضد تنفيذ الهجمات ضد قطاع غزة “, والاحتلال كان يوجه رسالة واضحة للصحفيين ان حياتهم معرضة للخطر اذا ما قاموا بتغطية العدوان المزمع على جنين, وشيرين أبو عاقلة بفوة حضورها الإعلامي, وبصفتها مراسلة لمحطة الجزيرة الفضائية المصنفة على انها من اقوى الفضائيات الإعلامية على مستوى العالم, كانت نموذج للاستهداف الصهيوني حتى يدرك الصحفيون انه لا حصانة لاحد منهم, ويبدو ان هذا الاستهداف للجزيرة بات مقصودا في كل عدوان صهيوني يقوم به الاحتلال, فقد سبق وقام الاحتلال بقصف برج الجلاء في غزة والذي يضم قناة الجزيرة وقنوات إعلامية أخرى حتى يقول انه ليس امامه أي خطوط حمراء وكل شيء مستهدف.
العقلية النازية التي يتعامل بها الاحتلال الصهيوني عبر عنها بوضوح ودون ادنى مواربة عضو الكنيست الصهيوني إيتمار بن غفير، في اعقاب استشهاد شرين أبو عاقلة بالقول “أنّ على الجنود الإسرائيليين إطلاق النار باتجاه مصادر النيران الفلسطينية حتى لو تواجد صحافيون في المكان, وأضاف في تغريدة في “تويتر”: “عندما يطلق إرهابيون النار على جنودنا في جنين، يجب أن يرد الجنود بإطلاق النار بكامل قوتهم، حتى لو كان هناك صحافيون في المنطقة” زاعما ان “صحافيو قناة الجزيرة غالباً ما يقفون عمداً في منتصف المواجهات ويعرقلون عمل الجنود “, هذا هو الموقف الصهيوني الرسمي في التعامل مع الصحفيين كما عبر عنه المجرم بن غفير, و”إسرائيل” تبدأ في التخلص من جريمتها بمحاولة التشكيك في الجهة التي استهدفت الضحية, ثم تتحدث عن لجنة خاصة لتخرج بنتائج, ثم تراهن على الوقت لتهدئة الرأي العام, وسرعان ما ينسى العالم جرائم “إسرائيل” ويتجاوزها, لكن وسيلة العقاب الناجعة تبقى في يد قناة الجزيرة التي يجب ان تتوقف عن استضافة إسرائيليين على شاشاتها, وهذا ما طالبت به الصحفية خديجة بن قنة الإعلامية البارزة في قناة الجزيرة في تغريدة لها على تويتر قائلة : مُقاطعة الضيوف “الإسرائيليين” على الشاشة، ومحاكمة المجرمين مطلب أساسي بعد اغتيال أبو عاقلة. وانضم لها الصحفي أحمد منصور في تغريدة له على تويتر :” أضم صوتي لصوت الزميلة خديجة بن قنة، وأطالب الجزيرة بوقف استضافة القتلة “الإسرائيليين” على شاشتها أو من يمثلهم لقد شاهدناهم يقتلون شيرين أبو عاقلة بدم بارد واغتيال متعمد لواحدة من أهم الشهود على جرائمهم طيلة أكثر ما يقرب من ثلاثة عقود, قاطعوا الإسرائيليين واغلقوا منابركم الإعلامية في وجوههم, فقتل الزميلة الاعلامين شيرين أبو عاقلة تم بشكل ممنهج, ومع سبق الإصرار والترصد, واعلموا ان القادم اعظم, لأننا امام احتلال مجرم.