شهداء الصحافة الفلسطينية

“غفران” الشهيدة الـ108 من الصحفيين الفلسطينيين

غفران وراسنة

 

لم تكن تعرف أنها بعد خروجها من أسر الاحتلال بشهرين ستصبح شهيدة برصاصات الجيش الإسرائيلي المحتل، لتصبح “غفران وراسنة” الشهيدة الـ108 في عِداد الشهداء من الصحفيين الفلسطينيين على يد الكيان المحتل.

وعلى طريقة الصحفية شيرين أبو عاقلة التي ارتقت منذ أقل من شهر برصاص قوات الاحتلال، حدث الأمر نفسه مع الصحفية غفران وراسنة، حيث تلقت الرصاص الحي أيضا لتلقى ربها إثر إصابتها برصاص الجيش الإسرائيلي قرب مخيم العروب، شمال الخليل.

وفي جريمة مكتملة الأركان، أعاق الاحتلال الإسرائيلي الطواقم الطبية من الوصول إلى غفران بعد إصابتها بالرصاص، وسلّم الفتاة إلى الطواقم الطبية بعد 20 دقيقة رغم حالتها الحرجة، ليتم نقلها إلى المستشفى الأهلي، ولكنها فارقت الحياة.

اعتقال ثم شهادة

تبلغ غفران هارون حامد وراسنة من العمر 31 عاما، وهي من قرية شيوخ العروب، اعتُقلت في شهر يناير/كانون الثاني الماضي، وتم الإفراج عنها بعد ثلاثة أشهر، وتحديدا في شهر مارس/آذار الماضي.

وُلدت غفران في الضفة الغربية وتحمل الجنسية الفلسطينية، ويعدّها الكثيرون مناضلة باعتبارها أسيرة مُحررة، وتحمل درجة البكالوريوس في الإعلام من جامعة الخليل الفلسطينية، وتخرجت عام 2014، وتدربت في إذاعات محلية عدة، وتعمل في تغطية الأخبار الصحفية بشكل مستقل.

وكعادتهم في الكذب والتضليل، زعم بيان لجيش الاحتلال أن الصحفية تقدمت نحو عدد من جنوده عند مدخل المخيم وهي تحمل سكينا، فأطلقوا النار مباشرة عليها، والحقيقة أن الشهيدة كانت متوجّهة إلى عملها في إذاعة محلية، ولا تشكّل خطرا على أي أحد، ولكن اعتدنا من الكيان الغاصب الكذب والتضليل حتى في أبسط الأمور.

ولأن الكيان المحتل يخشى الحقيقة دائما فهو يوجّه رصاصه وعملياته ضد الصحفيين والإعلاميين، لذا قتل الكلمة الصادقة التي يخشاها، فلا ننسى الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة التي استشهدت منذ أسابيع أثناء اقتحام مخيم جنين شمالي الضفة الغربية برصاص جنود الاحتلال الإسرائيلي الذي حاول التشكيك في مسؤوليته عن قتلها أيضا، إلا أن تحقيقات عدة أجرتها مؤسسات صحفية بناء على حقائق أثبتت أنها سقطت برصاصة إسرائيلية أصابت رأسها.

توحد جميع الفصائل

وتُعد هذه الجريمة امتدادا لمسلسل طويل ومتواصل لجرائم الإعدامات الميدانية التي ترتكبها قوات الاحتلال وفقا لتعليمات وتوجيهات سياسية، حيث يتفاخر بذلك أكثر من مسؤول إسرائيلي، وعلى رأسهم المتطرف نفتالي بينيت، ويتم إطلاق الرصاص الحي على المدنيين الفلسطينيين بهدف القتل دون أي سبب، ودون أي قواعد أو ضوابط، ووفقا لأهوائهم وأمزجتهم، ووضعهم النفسي.

وقد وحدت الجريمة الفصائل الفلسطينية، فقد حمّلت الخارجية الفلسطينية -في بيان لها- الحكومة الإسرائيلية برئاسة نفتالي بينيت المسؤولية الكاملة والمباشرة عن هذه الجريمة، وغيرها من جرائم الإعدامات الميدانية التي تعكس عقلية العصابات والعنصرية المنتشرة والمسيطرة على مراكز صنع القرار في إسرائيل.

ونعت حركة حماس الأسيرة المحررة الشهيدة غفران وراسنة، وأكدت أن جرائم الاحتلال المتصاعدة والتغوّل على الدم الفلسطيني لن يزيداها إلا تمسكا بخيار المقاومة الشاملة بكل الوسائل لانتزاع حقوق الشعب الفلسطيني، وتحقيق تطلعاته في الحرية والعودة.

كما استنكرت حركة الجهاد الإسلامي إقدام قوات الاحتلال على إعدام الشهيدة غفران وراسنة، وحمّلت سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عن تداعيات هذه الجريمة.

أما لجان المقاومة الشعبية، فقالت إن جريمة إعدام الشهيدة وراسنة استمرار للنهج العدواني العنصري للاحتلال الإسرائيلي ضد أبناء الشعب الفلسطيني الأعزل على حواجز الموت الصهيونية في شوارع الضفة المحتلة.

ورأت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين أن إعدام الصحفية غفران وراسنة جريمة حرب، تتطلب من المجتمع الدولي تقديم قادة الاحتلال لمحاكمات دولية.

أما الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، فقالت إن الإعدامات الميدانية التي ينفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي لن تكسر إرادة الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال واعتداءاته، داعية إلى الرد الشعبي والوطني بكل الأشكال على جرائم الإعدام الميداني بحق أبناء الشعب الفلسطيني.

على خُطى شيرين

كما أدان منتدى الإعلاميين الفلسطينيين مقتل الصحفية غفران، وقال إن قوات الاحتلال تأبى إلا المضي قدما في جرائمها بحق الصحفيين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، ضاربة عُرض الحائط بالقوانين والأعراف والمواثيق الإنسانية التي تكفل لها الحماية وحرية عملها.

لذا يجب ألا نتعامل مع شهداء الإعدامات الميدانية كأرقام في الإحصاءات أو كأمور باتت اعتيادية لأنها تتكرر كل يوم، ولا تستدعي وقفة من قانون أو ضمير أو أخلاق أو مبادئ.

قد تكون غفران غير مشهورة، إذ كانت تعمل صحفية مستقلة وفي إذاعة محلية فلسطينية، ولم تكن بمثل شهرة الصحفية شيرين أبو عاقلة التي قُتلت أيضا برصاص الجيش الإسرائيلي، فهي ليست لديها شهرة شيرين الدولية والعربية والإسلامية بوصفها كانت تنقل حقيقة الكيان الصهيوني لحظة بلحظة على شاشات الجزيرة.

ولم تكن غفران تعمل مثل شيرين في مؤسسة وكيان كبير مثل الجزيرة، ولكن مقتلها برصاص الاحتلال وهي ذاهبة إلى عملها في إذاعة محلية ذكّر الناس بمقتل شيرين أبو عاقلة، وربطوا بين مشهدي الصورتين اللتين تذكّرانا دائما بوضاعة قوات الاحتلال الإسرائيلي ووحشيتها.

رحم الله “غفران وراسنة” وكل شهدائنا، صحفيين ومواطنين وجنودا، منذ بداية الاحتلال وحتى الآن.

المصدر : الجزيرة مباشر
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى