كتب/ خالد أبو زاهر:
شهد مونديال قطر 2022 لكرة القدم حالة من حالات الرفض العربي والإسلامي للاحتلال الصهيوني للأرض الفلسطينية، وذلك من خلال مُقاطعة الجمهور العربي للحديث مع وسائل الإعلام الصهيوني بشكل واضح وصريح لا يقبل التأويل أو التشكيك أو الترجمة.
في المونديال لم يعد هناك مجال للشك في أن الموقف الشعبي العربي والإسلامي تجاه الاحتلال الصهيوني لفلسطين، موقف موحد أكثر من أي موقف شعبي وسياسي آخر في العالم أجمع، وهو ما أثبته المواطن العربي من المحيط إلى الخليج بكل قوة وعنفوان عقلي وعاطفي.
وعلى الرغم من هذا الرفض العربي والإسلامي للسلوك الصهيوني، فإن الصهاينة لم يستخلصوا العِبر وواصلوا محاولاتهم الفاشلة لإقناع الشارع العربي والإسلامي بالتعاطي مع الإعلامي الصهيوني، بل ووصل الأمر إلى حد الشكوى الرسمية الصهيونية مما حدث من مقاطعة، وكأنهم يسعون إلى إجبار العالمين العربي والإسلامي على الحديث مع وسائل إعلامهم بطريقة أو بأخرى.
وهنا دعونا نُحلل ما حدث من عدة نواحٍ لكي نكون منطقيين في التعاطي مع ما حدث في قطر بشكل إيجابي يخدم القضية الفلسطينية.
نحن الفلسطينيين ننظر إلى ما حدث من جانب إيجابي وإيجابي جدًا يؤكد الرواية الفلسطينية بأننا شعب مظلوم رغم أن هذا الظلم معلوم وواضح وصريح لا يحتاج إلى ترجمة.
في الوقت الذي ينظر فيه الصهاينة إلى ما حدث من ناحيتين، الأولى إيجابية لكونهم يسعون إلى تعزيز روايتهم بأنهم شعب مُضطهد وأنهم على حق في الدفاع عن وجودهم.. إلى جانب النظرة السلبية التي تكشف وجههم الحقيقي الذي أدى إلى هذه المقاطعة.
المحصلة النهائية والحقيقية لما حدث هو أن لكل سلوك سببًا، وأن هذا الرفض العربي والإسلامي سببه الاحتلال والظلم الواقع على الشعب الفلسطيني.. وأنه لولا الظلم لما رفض أحد التعاطي مع هذا الإعلام المزيف للحقيقة.. وأنه لولا وجود احتلال لما كانت هناك مُقاومة وهذا الرفض من قبول التعاطي مع الإعلام الصهيوني هو مُقاومة مشروعة شرعتها الأمم المتحدة لكل الشعوب التي تُعاني الاحتلال.
وعليه فإن ما حدث نلخصه في عدة نقاط:
•أولًا: هذا استفتاء عربي وإسلامي ودولي عشوائي على مكانة فلسطين كقضية مركزية للشعوب.
•ثانيًا: هذه فضيحة صهيونية بأيدٍ صهيونية، إذ قام مراسلو الإعلام الصهيوني بفضح أنفسهم بأنفسهم.
•ثالثًا: ربما يكون ذلك مقصودًا إسرائيليًا للترويج لكراهية العرب لليهود من أجل جلب تعاطف دولي تجاههم، ودلل على ذلك لغة الجسد من خلال رد الفعل المصطنع للمراسلين بنوع من التمثيل على أنهم منبوذون وأنهم لا يستحقون هذا السلوك كرد فعل عربي تجاههم، إلى جانب إصرار المراسلين على التعريف بأنفسهم وجنسيتهم قبل توجيه السؤال للجمهور، وهو ما يؤكد وجود شيء في نفس يعقوب.
•رابعًا: هذا يُعد بمنزلة رفض للتطبيع الشعبي بغض النظر عن التطبيع الرسمي.
•خامسًا: المضحك المبكي أن الخارجية الإسرائيلية حملت كلًّا من قطر والفيفا المسؤولية بضرورة السماح بحرية الصحافة كاملة والسماح للإسرائيليين بالتنقل بأمان.. وهم من قتلوا شيرين أبو عاقلة وصحفيين فلسطينيين كثيرين على مدار سنوات طويلة.. إلى جانب أنهم أكثر دولة تعاملًا مع الإعلام منعًا لكشف حقيقتهم القبيحة.
•سادسًا: صحيفة (إسرائيل هيوم)، أكدت أن كأس العالم في قطر وضع (إسرائي)ل أمام حقيقة وواقع مؤلم للغاية للإسرائيليين، وهو الرفض والتجاهل والكراهية وعدم قبولهم في بلد عربي مسلم، وكأنهم لم يكونوا يعرفون ذلك مسبقًا، أو أنهم انخدعوا بأن تطبيع بعض الدول العربية معهم مقبول شعبيًا.
المصدر: صحيفة فلسطين